لا يقال : قيام الدلالة على وجوب العمل بما ظنناه يدلّ على صدق الخبر.
لأنّا نقول : فيجب أن يقطعوا على صدقه ، ولأنّه لو جاز ذلك لجاز أن تدلّ الدلالة على أن نحكم بما نريد ، فيعلم أنّ كلّ ما نريد الحكم به فهو صواب.
فإن منعتم من جوازه في كلّ ما نريده منعنا اتّفاق الصواب في كلّ ما يظنّ صدق الراوي فيه ، وما ذكره من الحكم عند البيّنة نقض عليهم ، لأنّه يجوز كذب الشهود فيقطع يدا لا يستحق قطعها.
وأجاب (١) : بأنّ الفعل قد يكون صلاحا إذا فعلناه ونحن على حالة مخصوصة ، ولا يمتنع أن يكون متى ظننا صدق الراوي أو كنّا ممّن يجوز ظن صدقه لأمارة صحيحة ، فمصلحتنا أن نفعل ما اقتضاه الخبر ، صدق الراوي أو كذب ، كما نقوله في الحكم عند البيّنة ، وإذا لم يمتنع ذلك لم يجب ما قالوه من أنّ جواز كذب الراوي يلزمه تجويز كون الفعل الذي رواه مفسدة ، كما لا يلزم مثله في البيّنة.
لا يقال : إن جعلتم ظنّكم صدق الراوي طريقا إلى المصلحة ومنعتم من جواز الخطأ فقد جعلتم الظن علما ولزمكم قبول خبر الواحد في الاعتقادات. وإن جوّزتم الخطأ في الظن لم يجز كونه طريقا إلى القطع على أنّ ما فعلتموه مصلحة ، وإن جاز ذلك مع جواز كونه خطأ جاز أن يكون طريقا إلى الاعتقادات وجاز ورود التعبّد به فيها ، وإن جعلتموه شرطا في
__________________
(١) المعتمد في أصول الفقه : ٢ / ١٠٤.