فعل فعلوه ، فإن وجب تركه فالمطلوب ، ويلزم من وجوب العمل به في هذه الصورة العمل به مطلقا لعدم القائل بالفرق ، وإن لم يجب لم يكن الحذر واجبا ، وهو ينافي مقتضى الآية.
فإن قيل : لا نسلّم أنّه أوجب الحذر عند إنذار الطائفة ، وقوله : (لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) لا يمكن حمله على ظاهره ، ونمنع حمله على ذلك المجاز لجواز حمله على غيره.
سلّمنا وجوب الحذر عند الإنذار ، لكن نمنع أنّ الإنذار هو الإخبار ، فإنّه من جنس التخويف ، فنحمل الآية على التخويف الحاصل من الفتوى ، بل هو أولى ؛ لأنّه أوجب التفقّه لأجل الإنذار ، والتفقّه إنّما يحتاج إليه في الفتوى لا في الرواية.
لا يقال : يتعذّر الحمل على الفتوى ، والّا لاختصّ لفظ القوم بغير المجتهد ، فإنّ المجتهد ليس له العمل بفتوى المجتهد ، لكن الآية مطلقة في وجوب إنذار القوم ، سواء كانوا مجتهدين أو لا.
أمّا لو حملناه على رواية الخبر لا يلزمنا ذلك ؛ لأنّه قد يروى للمجتهد وغيره ؛ ولأنّ من شرب النبيذ فروى له إنسان ما يدلّ على أنّ شاربه في النار ، فقد أخبره بمخوف ، وهو معنى الإنذار ، فصحّ وقوعه على الرواية. ثمّ إن لم يقع على الفتوى فالمطلوب من أنّ المراد بالإنذار الرواية لا الفتوى. وإن وقع كان حقيقة في القدر المشترك ، وهو الخبر المخوف دفعا للاشتراك ، فيكون متناولا للفتوى والرواية معا ، وذلك لا يضرّنا.
لأنّا نقول : كما يلزم من حمل الإنذار على الفتوى تخصيص القوم بغير