حال سماعه ويحصله ، إلّا أنّه يشذّ عنه بعارض السهو.
لا يقال : لم لا يقبل حديثه لأنّه لو لم يكن قد ضبطه أو ضبطه ثمّ سها عنه لم يروه مع عدالته.
لأنّا نقول : عدالته تمنع من تعمّد الكذب والخطأ لا من سهوه ، فجاز أن يتوهّم فيما لم يضبطه أنّه قد ضبطه ، وفيما سها عنه أنّه لم يسهو وإن كان عدلا.
لا يقال (١) : أنكرت الصحابة على أبي هريرة كثرة روايته ، وقالت عائشة : رحم الله أبا هريرة لقد كان رجلا مهذارا في حديث المهراس ، ومع ذلك قبلوا أخباره ؛ ولأنّ الخبر دليل والأصل فيه الصحّة. وتساوي الضبط والاختلال والذكر والنسيان غايته أنّه يوجب الشك في الصحّة ، وذلك لا يقدح في الأصل كما لو كان متطهرا ثمّ شك بعد ذلك في الحديث فإنّه لا يترك الأصل بهذا الشك.
لأنّا نقول : الإنكار على أبي هريرة ليس لعدم ضبطه وغلبة النسيان عليه ، بل لأنّ الإكثار لا يؤمن معه اختلال الضبط الّذي لا يعرض لقليل الرواية.
والخبر إنّما يكون دليلا إذا حصل معه الظنّ بصدق الراوي وضبطه ، فإذا لم يعلم ترجيح ذكره على نسيانه لم يغلب على الظنّ مقتضاه فلا يكون دليلا لوقوع الشكّ في كونه دليلا لا في أمر خارج عنه ، ويقين الطهارة
__________________
(١) ذكره الآمدي في الإحكام : ٢ / ٨٧.