الرابع : الدليل ينفي العمل بالظن ، وهو قوله تعالى : (إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً)(١) وغيره ، ترك العمل به في خبر العدلين ؛ لقوة الظنّ ، ولاعتبار الشارع به في الشهادة ، فيبقى خبر الواحد على أصل المنع ، إذ ليس هو في معناه لضعف الظن فيه.
والجواب عن الأوّل : أنّ ذلك إن دلّ فإنّما يدلّ على اعتبار ثلاثة : أبي بكر وعمر وذي اليدين ، ولقيام التهمة هناك حيث اختصّ (بخبر من) (٢) بين جماعة عظيمة يجب اشتهاره بخلاف الرواية.
وفي الأوّل نظر ، لأنّ المحقّقين من علمائنا منعوا من هذه الرواية ، ومع ذلك فلا يلزم ما قالوه ، لجواز أن تكون شهادة الثاني اتّفاقية.
وعن الثاني : انّ اعتبارهم العدد هنا مع أنّا بيّنّا قبولهم خبر الواحد إنّما كان لحصول التهمة ، لأنّ قبول الواحد يدلّ على أنّ العدد ليس شرطا.
وعن الثالث : أنّه منقوض بالأمور المعتبرة في الشهادة دون الرّواية ، كالحرية والذكورة والبصر وغيرها.
وعن الرابع : أنّ الله تعالى أمر بالتمسّك بخبر الواحد ، فيكون التمسّك به معلوما لا مظنونا ، لئلّا يندرج تحت النهي عن العمل بالظنّ.
__________________
(١) يونس : ٣٦.
(٢) في «ب» : المخبر ؛ وفي المحصول : ٢ / ٢٠٦ وردت العبارة كما يلي : ولأنّ التهمة كانت قائمة هناك لأنّها كانت واقعة في محفل عظيم ، والواجب فيها الاشتهار.