احتجّ الخصم بوجهين (١) :
الأوّل : الدليل ينفي جواز العمل بخبر الواحد ، خالفناه إذا كان الراوي فقيها ، لأنّ روايته أوثق.
الثاني : الأصل أن لا يرد الخبر على مخالفة القياس ، والأصل أيضا صدق الراوي فإذا تعارضا تساقطا ، ولم يجز التمسّك بأحدهما ؛ ولأنّه على تقدير صدق الراوي لا يلزم القطع بكون الخبر حجّة ، فإنّه لو جرى حديث منافق عند الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإذا جاء المنافق وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : اقتلوا الرجل ، فهم الفقيه العهد والعامي الاستغراق.
والجواب عن الأوّل : ما مرّ من وجوب العمل بخبر الواحد.
وعن الثاني : أنّ في التعارض تسليم صحة الخبر ، والتمييز بين العهد والاستغراق لا يتوقف على الفقه بل كلّ من له تمييز وفطنة فرق بينهما ، ولأنّ ذلك يقتضي اعتبار الفقه في كلّ خبر وإن وافق القياس ، بل وفي المتواتر.
ولا يشترط أن يكون عالما بالعربية ولا معنى الخبر ، فإنّ الحجّة في لفظ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والأعجمي والعامي يمكنهما نقل اللفظ كما سمعاه كما يمكنهما حفظ القرآن.
ولا تشترط الذكورة ، فإنّ الصحابة رووا عن عائشة وغيرها من النساء.
ولا الحرية ، فإنّ العبد تقبل روايته مع العدالة الّتي هي مناط قبول الرواية.
__________________
(١) ذكرهما الرازي مع الأجوبة عنهما في المحصول : ٢ / ٢٠٨.