احتجّوا : بأنّ الحكم مع التلاوة ينزّل منزلة العلم مع العالميّة ، والمنطوق مع المفهوم ، وكما لا يمكن الانفكاك بين العلم والعالميّة ، والمنطوق والمفهوم ، فكذا هنا.
ولأنّ بقاء التلاوة خاصّة ، يوهم بقاء الحكم فيؤدّي إلى اعتقاد الجهل ، وهو قبيح من الحكيم.
ولأنّ بقاء التلاوة دون الحكم يستلزم خلوّ القرآن عن الفائدة.
ولأنّ بقاء الحكم خاصّة ، يشعر بزواله ، لأنّ الآية ذريعة إلى معرفة الحكم ، فإذا نسخت ، أشعر ذلك بارتفاع الحكم ، وهو تعريض المكلّف لاعتقاد الجهل.
ولأنّ هذا النسخ عبث ، حيث لم يلزم من ذلك إثبات حكم ولا رفعه.
والجواب : نمنع التساوي بين العلم والعالميّة ، والمفهوم والمنطوق ، وبين التلاوة والحكم ، بل التلاوة
كالأمارة والعلامة على الحكم في ابتداء ثبوته دون دوامه.
وإنّما يلزم الجهل ببقاء الحكم لو لم ينصب الله تعالى على نسخه للحكم دليلا.
__________________
ـ ما نسخ لفظه وحكمه ، وذلك نحو ما رواه المخالفون عن عائشة أنّه كان فيما أنزل الله «عشر رضعات» التبيان : ١ / ١٣.
فمن قال بهذا النوع من النسخ فقد غفل عمّا يترتب عليه من المضاعفات.
ولنعم ما قال الشيخ المظفر : إنّ نسخ التلاوة في الحقيقة يرجع إلى القول بالتحريف. أصول الفقه : ٢ / ٤٩.