بالقياس ، وإن اختلفوا في المأخذ وهؤلاء اختلفوا ، فقال بعضهم : المنع يختصّ بشرعنا ، وبعضهم منع من التعبّد به في كلّ الشرائع.
وقال القفّال من الشافعية وأبو الحسين البصري : إنّ العقل موجب لورود التعبد بالقياس. والحقّ الجواز عقلا وإن امتنع سمعا. (١)
لنا وجوه :
الأوّل : لا استبعاد عند العقلاء كافّة في أن يقول الله تعالى : لا يقضي القاضي وهو غضبان ، لأنّ الغضب موجب لاضطراب الفهم ، وقيسوا عليه ما كان في معناه ، كالجوع والعطش وغيرهما ؛ وكذا : حرمة شرب الخمر ، ومتى غلب على ظنّكم أنّ علّة التحريم الإسكار المفضي إلى وقوع الفتن والعداوة ، فقيسوا عليه كلّما شاركه في ذلك وانّه يكون حسنا غير قبيح ، ولو كان ممتنعا عقلا لما حسن ذلك.
الثاني : القياس يفيد الظنّ وكما جاز التعبد بالظن في الفتوى والشهادة وخبر الواحد عند القائلين به والرجوع في التقويم إلى قول من لا يوجب قوله العلم ، فليجز التعبّد به في القياس ، لعدم الفرق بين الأمرين.
الثالث : التعبّد بالقياس فيه مصلحة لا تحصل بدونه ، وهي ثواب المجتهد على اجتهاده وإعمال فكره وبحثه في استخراج علّة الحكم المنصوص عليه لتعديته إلى محلّ آخر ، لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ثوابك على قدر نصبك. (٢)
__________________
(١) راجع الإحكام : ٤ / ٩.
(٢) الإحكام : ٤ / ١٠.