المظنون ، فيجب الاحتراز عنه ، وخبر الواحد يفيد الظن ، فإذا أورد في المنع من العمل بالقياس أفاد ظن أنّ التمسّك به سبب الضرر ، وذلك يوجب الاحتراز عنه. وليس أحد الظنّين أقوى من الآخر ولا أولى بالعمل ، بل ما قلناه أولى ، لأنّ المسألة علمية والبلوى بها عامّة ، وهي أصل من أصول الدين فلا يقبل فيها الظن ويقبل في نفيها.
التاسع (١) : إجماع الصحابة على التصريح بذمّ القياس ، قال أبو بكر : أيّ سماء تظلّني وأيّ أرض تقلّني إذا قلت في كتاب الله برأيي. (٢)
وقال عمر : إيّاكم وأصحاب الرأي ، فإنّهم أعداء السنن ، أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها ، فقالوا بالرأي فضلّوا وأضلّوا. (٣)
وعنه : إيّاكم والمكايلة ، قيل : وما المكايلة؟ قال : المقايسة. (٤)
وكتب إلى شريح وهو قاض من قبله : اقض بما في كتاب الله ، فإن جاءك ما ليس فيه فاقض بما في سنّة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإن جاءك ما ليس فيها فاقض بما أجمع عليه أهل العلم ، فإن لم تجد فلا عليك أن لا تقضي. (٥)
__________________
(١) ذكر الرازي هذا الوجه مع ما فيه من روايات في المحصول : ٢ / ٢٧٤ ـ ٢٧٥ ؛ والآمدي في الإحكام : ٤ / ٤٨ ـ ٤٩.
(٢) كنز العمال : ٢ / ٣٢٧ برقم ٤١٥١.
(٣) كنز العمال : ١٠ / ٢٦٩ برقم ٢٩٤١٠.
(٤) كنز العمال : ١ / ٣٧٣ برقم ١٦٣٠.
(٥) الطرائف : ٥٢٥ ؛ سنن الدارمي : ١ / ٦٠ ؛ السنن الكبرى : ١٠ / ١١٥.