وفيه نظر ، فإنّ أحدا لم يقل انّ النسخ دخل الأمر لرجوعه إلى الخبر بخلاف العكس.
والتحقيق أن نقول : الخبر حكاية عن المخبر تابع له ، وهيئته مطابقة للمخبر عنه ، سواء كان ماضيا أو مستقبلا ، فالمخبر عنه إن زال بعد ثبوته ، كان نسخا في أصل الخبر ، وحكاية عن المخبر بالأصالة ، وفيه بالتبعيّة ، لكن ذلك لا يسمّى نسخا في الحقيقة.
قال الجبائيّان : لو قال : «أهلك الله عادا» ثمّ قال : «ما أهلكهم» كان كذبا.
والجواب : إهلاكهم غير متكرّر ، فإذا قال : «ما أهلك بعضهم» كان تخصيصا للأشخاص ، لا نسخا في الأزمان ، بخلاف الخبر عن تكرار الفعل.
تذنيب
قال قاضي القضاة (١) : يبعد أن يبقى وجوب الفعل ، ويحرم العزم على أدائه ، إلّا أن يجوز كون العزم عليه مفسدة ، ويستحيل أن يحرم علينا إرادته المقارنة له ، لأنّه لا يكون الفعل واقعا على ما أمرنا أن نوقعه عليه إلّا مع مقارنتها.
__________________
(١) نقله عنه أبو الحسين البصري في المعتمد : ١ / ٣٩٠.