احتجّ المانعون : بأنّ نسخ الخبر يوهم الكذب ، بخلاف الأمر والنّهي.
والجواب : إيهام الكذب إنّما يلزم لو اتّحد المدلولان ، أمّا مع التغاير فلا ، والتغاير هنا ثابت ، لأنّ قوله : «لأعذّبن الزاني أبدا» وإن دلّ بظاهره على التأبيد ، إلّا أنّ قرينة النسخ دلّت على أنّ المراد بذلك مدّة معيّنة ، كالأمر والنهي ، فإنّ التعبّد بهما إذا كان مؤبّدا ، ثمّ نسخه ، لم يلزم البداء.
لا يقال : إنّما لم يلزم البداء لدلالة النهي على أنّ الأمر لم يتناول ما تناوله النهي.
لأنّا نقول : والدليل الناسخ دلّ على أنّ الخبر المنسوخ لم يتناول ما تناوله الدليل الناسخ ، وإذا تغاير المتعلّقان ، ارتفع الكذب ، كما ارتفع البداء في الأمر والنهي.
احتجّ الفارقون : بأنّ الخبر المتناول للأحكام في معنى الأمر بالفعل ، فإنّ معنى «أمرتكم» و «نهيتكم» و «أوجبت عليكم» مساو لمعنى الأمر والنهى ، بخلاف غيره.
والجواب : لا فرق بينهما ، فإن كان أحدهما مستلزما للكذب ، كان الآخر كذلك.
وقولهم معارض بمثله ، فإنّ قولكم : «إنّما دخل النسخ على الخبر ، لأنّه في معنى الأمر» معارض بقولنا : «إنّما دخل على الأمر لأنّه في معنى الخبر عن وجوب الفعل» (١).
__________________
(١) الاستدلال لأبي الحسين البصري في المعتمد : ١ / ٣٨٨.