يقول لمثله : أليس قد قال تعالى كذا؟ ولا يجوز لو كان هو والمخاطب لا يعتقدان كونه حجّة.
اعترض بأنّه خبر واحد فلا يتمسّك به في العلميات ، وبأنّ مثل هذا القياس حجّة للتنبيه على العلّة ، ولأنّ الحديث وإن دلّ على إجراء القبلة مجرى المضمضة ، لكن ليس فيه أنّ النص أوجب ذلك أو القياس ، ومع الاحتمال فلا قطع على أحدهما.
أجيب بأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم لم ينصّ على العلّة ، بل ذكر أصل القياس ، والعلّة سابقة إلى الذهن ، وليس التنصيص على الأصل تنصيصا على العلّة.
قوله : ليس فيه دلالة على إجراء القبلة مجرى المضمضة ، لنص أو قياس.
قلنا : بيّنّا أنّ مفهوم «أرأيت» أنّ كلّ واحد منهما لم يحصل منه الثمرة المطلوبة بذلك الفعل ، والعامي يفهم لو استفتى عن القبلة فقال المفتي : «أرأيت لو تمضمضت بماء ثم مججته» أنّ القبلة لا تفسد الصوم ويعلم إجراء أحدهما مجرى الآخر من الوجه الّذي ذكرناه ، فبطل أن يقال : هذا الكلام لا يدلّ على الوجه الجامع بينهما ، وأنّه لا يمتنع أن يكون بعض الظواهر اقتضى الجمع.
وفيه نظر ، للمنع من ذكر ذلك القياس عليه ، بل لإزالة الاستبعاد.
سلّمنا ، لكن قوله إنّه ليس نصا على العلّة ، بل على الأصل ينافي قوله : فبطل أن يقال هذا الكلام لا يدل على الوجه الجامع بينهما.