على تحريم التأفيف لم يف بذلك ولا بعشر عشر الأحكام.
وفيه نظر ، فإنّه لا يلزم من عدم إيفائه بجميع الطرق جعل القياس طريقا.
* * *
السادس (١) : سأل عمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عن قبلة الصائم؟ فقال : أرأيت لو تمضمضت بماء ثم مججته (٢) أكنت شاربه. (٣)
شبّه قبلة الصائم من غير إيلاج بالمضمضة من غير ازدراد ، وأجرى حكم أحدهما على الآخر ، وهذا قياس ، لأنّه أورد هذا الكلام ليدلّ على أنّ الجامع بينهما ما يفهمه كلّ عاقل عند سماعه من أنّه لم يحصل عند المقدمتين الثمرة المطلوبة منهما ، فيجب أن لا يكون حكم المقدّمة حكم المطلوب.
وإذا كان قياسا وجب كون القياس حجّة لوجوب التأسّي.
ولأنّ قوله : «أرأيت» خرج مخرج التقرير ، فلو لا أنّ التعبد بالقياس قد تمهّد عند عمر لما قرّره عليه ، ولهذا جاز ممّن يعتقد الحكم بالكتاب أن
__________________
(١) ذكر هذا الوجه الرازي في المحصول : ٢ / ٢٦٠ ، المسلك الثالث.
(٢) مج الرجل الماء من فيه : إذا رمى به. الصحاح : ١ / ٤٠.
(٣) المحصول : ٢ / ٢٦٠. ووردت هذه الرواية بتفاوت واختلاف في المصادر التالية : مسند أحمد : ١ / ٢١ و ٥٢ ؛ السنن الكبرى : ٤ / ٢١٨ ؛ سنن النسائي : ٢ / ١٩٩ ؛ كنز العمال : ٨ / ٦١٥ برقم ٢٤٤٠١.