احتج المخالف بوجوه :
الأوّل : لفظ «التأبيد» يفيد استمرار وجوب الفعل في كلّ أوقات الإمكان ، فجرى مجرى أن ينصّ الله تعالى على وجوب العبادة في كلّ وقت من تلك الأوقات على سبيل التنصيص ، فكما لا يجوز النسخ هنا ، فكذا ثمّ.
الثاني : لو أمر بالعبادة بلفظ يقتضي الاستمرار ، لجاز دخول النسخ عليه ، فلو جاز ذلك مع التقييد بالتأبيد ، لم يكن في التقييد به فائدة.
الثالث : لو جاز نسخ ما ورد بلفظ «التأبيد» لم يكن لنا طريق إلى العلم بدوام العبادة.
الرابع : لفظ «التأبيد» يفيد الدوام ، إذا وقع في الخبر ، فإذا أخبر بلفظ يفيد التأبيد ، لم يجز نسخه ، فيجب في الأمر مثله.
والجواب عن الأوّل : بالفرق بين ذكر الشيء مفصّلا ومجملا ، ولهذا جاز التخصيص في اللفظ العامّ وإن تناول كلّ فرد فرد ، بخلاف إخراج بعض الأفراد الّتي فصّلت.
وأيضا ، فإنّ ذلك يمنع من النسخ كلّه ، لأنّ المنسوخ لا بدّ من كونه لفظا يفيد الاستدامة إمّا بنفسه ، أو بدلالة ، لامتناع وروده على المرّة.
وأيضا ، نمنع تنزيله منزلة التنصيص على كلّ وقت بعينه ، بل هو في العرف يطلق على المبالغة ، كما في قولنا «لازم فلانا أبدا».