قلنا : لا بدّ وأن يكون واحد منهم أولى بذلك ، أو يكون الكلّ في درجة واحدة ، وكيف كان فإجماعهم على ترك الإنكار إجماع على الخطأ.
وفيه نظر ، لجواز ظهور البطلان ، وقد وجد ما يدلّ عليه وهو ذمّ القائل به ، وليس إذا كان واحدا أولى بالإنكار يلزم إجماعهم على الخطأ لو تركوا الإنكار ، أقصى ما في الباب أنّه يكون ذلك الواحد مرتكبا للخطإ.
وعلى السادس عشر : أنّ الأصل في كلّ ثابت بقاؤه على ما كان.
وعلى السابع عشر : بانعقاد الإجماع على أنّ القياس المناسب حجّة.
وفيه نظر ، لمنع الإجماع فإنّه المتنازع.
وعلى التاسع عشر : أنّ أحدا لم يفرّق بين الصحابة وغيرهم ، فيكون الإجماع حاصلا ظاهرا.
وفيه نظر ، لأنّ أحدا لم ينص على عدم الفرق ، أقصى ما في الباب عدم العلم بالفارق ، وذلك لا يستلزم العلم بعدمه.
واعلم أنّ بعض الأصوليين قرر الإجماع على وجه آخر (١) وهو : أنّ الصحابة اختلفوا في فروع كثيرة بالضرورة وذهبوا فيها إلى آراء مختلفة ، فإن لم يكن عن طريق كان إجماعا على الباطل ، وهو محال ؛ وإن كان عن طريق فليس العقل ، لأنّه يقتضي البراءة الأصلية لا غير ، ويمتنع أن يكون قول كلّ من المختلفين قولا بالبراءة الأصلية ، فيكون سمعيا ، فإن كان قياسا فالمطلوب.
__________________
(١) ذكره الرازي في المحصول : ٢ / ٢٨٧ ، المسلك السادس.