قال الشرع : حرّمت الخمر لكونه مسكرا ؛ أمّا لو قال : علّة حرمة الخمر هي الإسكار ، انتفى ذلك الاحتمال.
اعترض (١) : بأنّ الحركة إن عنى بها معنى يقتضي المتحرّكيّة فهذا المعنى يمتنع فرضه بدون المتحرّكيّة ، وإن عنيت شيئا آخر بحيث يبقى فيه ذلك الاحتمال ، فهناك نسلّم أنّه لا بدّ في إبطال ذلك الاحتمال من دليل منفصل.
قوله : العرف يقتضي إلغاء هذا القيد.
قلنا : ذاك عرف بالقرينة ، وهي شفقة الأب المانعة من تناول المضر ، فلم قلت : إنّه في العلّة المنصوصة كذلك؟
قوله : الغالب على الظنّ إلغاء هذا القيد.
قلنا : هب أنّ الأمر كذلك ، ولكن إنّما يلحق الفرع بالأصل ، لأنّه لمّا غلب على ظنّنا كونه في معناه ، ثمّ دلّ الدليل على وجوب الاحتراز من الضرر المظنون ، فحينئذ يجب الحكم في الفرع بمثل حكم الأصل ، لكن هذا هو الدليل الّذي دلّ على كون القياس حجّة ، فالتنصيص على علّة الحكم لا يقتضي إثبات مثله في الفرع إلّا مع الدليل الدالّ على وجوب العمل بالقياس.
قوله : لو صرّح بأنّ العلّة هي الإسكار لا يبقى فيه هذا الاحتمال.
قلنا : في هذه الصورة يستلزم الإسكار الحرمة أين وجد ، لكنّه ليس
__________________
(١) المعترض هو الرازي في المحصول : ٢ / ٣٠٠.