يحتمل أن تكون العلّة هي الإسكار ، وأن تكون هي إسكار الخمر ، بحيث يكون قيد كونه مضافا إلى الخمر معتبرا في العلّة ، وإذا احتمل الأمران لم يجز القياس إلّا عند أمر مستأنف بالقياس.
والجواب : لا نسلم أنّ قيد كون الإسكار في ذلك المحل يحتمل أن يكون جزءا من العلّة ، فإنّ تجويز ذلك يستلزم تجويز مثله في العقليات ، حتى يقال : الحركة إنّما اقتضت المتحرّكيّة لقيامها بمحلّ خاص ، وهو محلّها ، فالحركة القائمة بغيره لا تكون علّة للمتحرّكية.
سلّمنا ، إمكان كونه معتبرا في الجملة لكنّ العرف يسقط هذا القيد عن درجة الاعتبار ، فإنّ الأب لو قال لابنه : لا تأكل هذه الحشيشة لأنّها سمّ ، يقتضي منعه عن أكل كلّ حشيشة تكون سمّا ، فيكون في الشرع كذلك لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن». (١)
سلّمنا أنّه غير ساقط عرفا إلّا أنّ الظنّ قاض بسقوطه ، لأنّ علّة الحكم وجب أن تكون منشأ الحكمة ، ولا مفسدة في كون الإسكار قائما بهذا المحل أو بذاك ، بل منشأ المفسدة كونه مسكرا فقط ، فإذا غلب على ظنّنا ذلك ، وجب الحكم به احترازا عن الضرر المظنون.
سلّمنا أنّ إلغاء هذا القيد غير ظاهر ، لكنّ دليلكم إنّما يتمشّى فيما إذا
__________________
(١) تفسير الرازي : ١ / ٢٠٠ و ٢٠٤ وج ٢ / ٢٢٦ وج ٣ / ١٩٨ وج ٤ / ١٥١ وج ١١ / ١٧٦ ؛ تفسير الآلوسي : ٢٩ / ١١٣ ؛ شرح نهج البلاغة : ١٢ / ٨٦ ؛ المستصفى : ١٧٢ ؛ المحصول : ٢ / ٣٠٠.