والوجه عندي قول النظّام.
لنا وجوه :
الأوّل : الأحكام الشرعية تابعة للمصالح الخفيّة والشرع كاشف عنها ، فإذا نصّ على العلّة عرفنا أنّها الباعثة والموجبة لذلك الحكم ، فأين وجدت العلّة وجب وجود المعلول.
الثاني : قوله : حرّمت الخمر لكونه مسكرا ، ينزل منزلة ؛ حرمت كلّ مسكر ، إذا لم يكن للخصوصية مدخل في العلّة.
الثالث : قوله : حرّمت الخمر لكونه مسكرا ، يقتضي إضافة الحرمة إلى الإسكار ، وهو يدلّ على أنّ العلة هي الإسكار ، فوجب أن يترتّب الحكم عليه أينما وجد.
الرابع : إذا قال : حرّمت الخمر لكونه مسكرا ، فإمّا أن تكون العلّة هي مطلق الإسكار ، أو الإسكار المختصّ بالخمر. فإن كان الأوّل لزم وجود التحريم أين وجد ، إذ يلزم من وجود العلّة التامّة وجود معلولها.
وإن كان الثاني لم تكن العلّة هي نفس كونه مسكرا ، لأنّه قدر مشترك بين الخمر وغيره لتغاير الخصوصيات الّتي بها يمتاز بعض الأنواع عن بعض ، والحكم إنّما إذا أضيف إلى كونه مسكرا وهو القدر المشترك ، فلا يكون للخصوصية أثر العلّيّة.
احتجّ المانعون (١) مطلقا بأنّ قوله : حرّمت الخمر لكونها مسكرة
__________________
(١) منهم الرازي في المحصول : ٢ / ٢٩٩.