ثمّ على تحريمه لو اتّفقت على أحدهما ، فالثاني (١) ناسخ للأوّل.
لأنّا نقول : أنّما سوّغت [الأمّة] للعاميّ الأخذ بأيّ القولين شاء ، بشرط أن لا يحصل الإجماع على أحد القولين ، فكان الإجماع الأوّل مشروطا بهذا الشرط ، فإذا اتّفقت زال شرط [الإجماع] الأوّل ، فانتفى ، لانتفاء شرطه من غير نسخ.
وبالقياس (٢) ، لأنّ شرط صحّته ، عدم الإجماع ، فإذا وجد لم يكن القياس صحيحا ، فلا يجوز نسخه به.
ولأنّ القياس لا بدّ له من أصل ، والحكم في ذلك الأصل إمّا أن يكون بدليل متجدّد بعد الإجماع الأوّل ، أو سابق عليه ، فإن كان بمتجدّد ، فهو إمّا إجماع أو قياس ، لاستحالة تجدّد النصّ ، فإن كان إجماعا ، فلا بدّ له من دليل ، وإن كان قياسا على أصل آخر ، تسلسل أو انتهى إلى أصل ثابت بالنصّ.
والتسلسل محال ، والنصّ يجب أن يكون سابقا على الإجماع الأوّل ، وحينئذ صحّة القياس عليه مشروط بعدم الإجماع الأوّل على مناقضته ، ونسخ الإجماع الأوّل متوقّف على صحّته ، وهو دور ممتنع.
وإن كان نصّا ، لزم سبقه ، فيكون الإجماع على خلافه خطأ ، وإن كان
__________________
(١) أي الإجماع الثاني.
(٢) أي يستحيل نسخ الإجماع بالقياس.