وهو غضبان». ظاهره يدلّ على أنّ العلّة هي الغضب ، لكن لمّا علم أنّ الغضب اليسير الّذي لا يمنع من استيفاء الفكر غير مانع من القضاء ، وأنّ الجوع والألم المبرّحين يمنعان من استيفاء الفكر وأنّهما يمنعان من القضاء ، علمنا أنّ علّة المنع ليست هي الغضب بل تشويش الفكر.
فقول من قال : العلّة هي الغضب ، لكونه مشوشا غلط ، لأنّ الدوران وهو ملازمة المنع للتشويش وجودا وعدما دالّ على أنّ العلّة التشويش خصوصا وقد يختلف عن الغضب وجودا وعدما ، وليس بين التشويش والغضب ملازمة لوجود كلّ منهما منفكا عن صاحبه. نعم يجوز إطلاق لفظ الغضب لإرادة التشويش إطلاق اسم السبب على المسبب.
المسألة الثانية (١) : في أنّه هل يشترط في الوصف المومى إليه المناسبة أم لا؟
اختلف الأصوليّون في ذلك فقال قوم بالاشتراط ، ونفاه الغزالي وجماعة أخرى لوجهين:
الأوّل : لو قال : أكرم الجهّال واستخف بالعلماء ، استقبح منه ذلك في العرف ، وليس علّة الاستقباح أنّه جعل الجاهل مستحقّا للإكرام والعالم
__________________
(١) راجع الإحكام : ٣ / ٢٨٦.