مستحقّا للإهانة ، لانتفاء موجب القبح هناك ، فإنّ الجاهل قد يستحق الإكرام لوصف آخر كالنسب والشجاعة والكرم ، والعالم قد يستحق الإهانة لفسقه أو بخله أو غير ذلك ، فليس إلّا فهم أنّه جعل الجهل علّة في الإكرام والعلم علّة في الاستخفاف ، فإذن ترتيب الحكم على الوصف يفيد كونه علّة وإن لم يكن مناسبا ، اعترض بأنّ علة الاستقباح اقتران الحكم بما ينافيه ، فإنّ الجهل مانع من الإكرام والعلم مانع من الاستخفاف ، فلمّا أمر بإكرام الجاهل فقد أثبت الحكم مع قيام منافيه ، وأيضا الحكم في هذا المثال لا يستلزم التعميم في كلّ الصور.
وأجيب عن أ. بما تقدّم من إمكان استحقاق الإكرام مع الجهل ، فلا يكون الجهل مانعا منه ، وإلّا لزم مخالفة الأصل.
وعن ب. أنّ ثبوته في بعض الصور يستلزم ثبوته في الجميع دفعا للاشتراك المخالف للأصل.
وفيه نظر ، فإنّ المنافاة ثابتة قطعا بين الجهل والإكرام ، ولهذا حكموا بالاستقباح فيه ، ولو لا المنافاة بطل أصل دليلهم ، ولا اشتراك هنا إذ لا وضع.
ب. أنّه لا بدّ للحكم من علّة ، وإلّا لكان عبثا ، وهو ممتنع عليه تعالى ، ولا علّة إلّا هذا الوصف ، لأنّ غيره كان معدوما والأصل البقاء فلا يكون علّة.