والجواب عن الأوّل من وجوه :
الأوّل : قال أبو هاشم قوله (نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها) ليس المراد منها أنّ ذلك الخير يكون ناسخا ، فجاز أن يكون مغايرا له ، يحصل بعد النسخ.
ويؤيّده أنّ الآية دلّت على ترتيب الإتيان بذلك الخير على نسخ الآية الأولى فلو كان نسخها مرتّبا على الإتيان بذلك الخير دار.
الثاني : قال أبو هاشم أيضا : المفهوم من نسخ الآية نسخ التلاوة دون الحكم فقط ، فإنّه لا يطلق النسخ على ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته ، ولهذا يقال : «ما نسخت الآية بل نسخت حكمها».
ومنعه أبو الحسين ، لأنّ الناس يطلقون النسخ على آية المناجاة ، وتلاوتها باقية (١).
الثالث : نمنع كون الخير من جنس الآية المنسوخة ، والمثال معارض بمثل : «من يلقني بحمد وثناء جميل ألقه بخير منه» ، فإنّه لا يقتضي أنّ الّذي يلقاه به من جنس الحمد والثناء ، بل من العطاء.
على أنّا نمنع بالجنسيّة بين الثوب وجزائه ، فإنّه لا بدّ من إضمار ، وليس إضمار «ثوب خير منه» أولى من إضمار «شيء خير منه».
والقرآن والسنّة متساويان في إسنادهما (٢) إليه تعالى ، فإنّ المراد بالإتيان شرع الحكم وإلزامه ، والسنّة كالقرآن في أنّ المثبت لهما هو الله تعالى.
__________________
(١) المعتمد : ١ / ٣٩٧.
(٢) في «ج» : استنادهما.