وثالثها أن المؤثر فى حصول تلك الفضيلة جود الله تعالى فى تخصيصك بتلك النعمة ، وأما قول المادح فهو اخبار صدق عن حصوله ، وذلك تابع له ، والمؤثر فى الشيء أقوى من الأثر الّذي يكون نافعا له ولا يختلف حاله بوجوده ولا بعدمه ، فوجب أن يكون استغراق الإنسان فى معرفة أن الله تعالى خصصه بتلك النعمة الجسيمة يذهله عن الفرح بالمدح.
وأما ان لم يحصل فى قلبه شعور بأن ذلك من انعام الله تعالى فوجب أن يكون حسرته بسبب هذه الغفلة أقوى من فرحه بسبب حصول تلك النعمة.
ورابعها ان حصول تلك الصفة المحمودة بدون ذكر الذاكرين له نعمة من الله تعالى عليه ، لأنه يصير خاليا عما يوجب العجب والكبر والتيه وحصولها ، مع ما يوجب تلك الأخلاق الذميمة المهلكة ، ولا شك أن حصول تلك النعمة خالية عن كل الآفات أحب وأفضل من حصولها مقرونة بالآفات المهلكات فوجب أن لا يكون الحمد محبوبا.
وخامسها ان شعور الانسان بحصول تلك الفضيلة حال ما كانت خالية عن مدح المادحين يوجب توجه القلب إلى فضل الله تعالى وانعامه على العبد وشعوره بحصولها حال كونها مقرونة بمدح المادحين يوجب انصراف القلب عن الحق إلى الخلق ، ولا شك ان الاول اولى.
اما القسم الثانى إذا مدح بصفة حاصلة فيه إلا ان تلك الصفة لا توجب المدح فى الحقيقة بل هى من جملة ما يوهم انها توجب المدح