هذا فقد سعى فى تشويش مصالح الدنيا على نفسه بسبب كثرة الغموم الحاصلة عند ذم الناس ، وسعى أيضا فى تشويش مصالح الآخرة بسبب ان المقبل على احوال الخلق محجوب عن الحق.
علاج كراهية الذم : ان الّذي ذمك (٢ إما أن يكون قد صدق فيما قال أو قصد النصح أو صدق وقصده الإيذاء ، أو يكون كاذبا ، فان صدق وقصده النصح فلا يجب أن تذمه وتغضب عليه وتحقد بسببه ، بل يجب ان تعد ذلك إنعاما منه عليك ؛ لأن من اهدى إليك عيوبك فقد أيقظك من رقدة الجهالة وهداك إلى المهلكة حتى تحترز عنها ، وأما إن صدق وقصد به الايذاء فإنه بالحقيقة قد انتفعت به وبقوله ، إذ عرفك عنك إن كنت جاهلا ، او ذكرك العيب ان كنت قد نسيت أو قبحه فى عينك إن كنت قد استحسنته ، وكل ذلك أسباب سعادتك وقد استفدته منه ، فاشتغل بطلب موجبات (١) السعادة وإزالة موجبات (٢) الشقاوة ، فقد انهج لك اسبابها بسبب ما سمعته من المذمة ، ألا ترى انك إذا قصدت الدخول على ملك وثوبك ملوث بالقذر ، فقال لك قائل : أيها الملوث بالقذر! طهر نفسك وحينئذ تدخل على الملوك ؛ فيجب عليك ان تفرح بقوله لأن هذا التنبيه غنيمة لك.
وجميع مساوى (٣) الاخلاق (٣ مهلكة ، والانسان لا يعرفها بالتمام إلا من قول اعدائه فيجب ان يغتنمه ، فأما إن قصد العدو (٤ الايذاء فذلك خيانة منه على رين نفسه وهو نعمة منه عليك ، فلم تغضب بفعل هو نفع فى حقك وضرر فى حق عدوك.
__________________
(١) المخطوطة : موجات (فى الموضعين)
(٢) المخطوطة : موجات (فى الموضعين)
(٣) أيضا : ساوى