[متناه] (الورقة ٢٦٢ ظ) فلهذا السبب قال صاحب الشريعة صلىاللهعليهوسلم : «منهومان لا يشبعان طالب علم وطالب دنيا» (١٦.
إذا عرفت هذا فنقول : أما تحصيل القدرة على التصرف فى الأفق الأسفل (١) وهو العالم الجسمانى ، فهو وإن كان كمالا إلا انه يلزمه أمر محذور (٢) ، وهو أن قدرة النفس على التصرف فى العالم الجسمانى مشروط ببقاء تعلق النفس بالجسد ، ثم هذا التعلق منقطع ، وعند انقطاعه تزول تلك القدرة بزوال المعشوق بعد طول الإلف به زوالا لا يسكنه (٣) تحصيله ، يوجب البلاء العظيم والشوق المعلق المهلك ، فلأجل الحذر عن الوقوع فى هذا المحذور صار هذا المطلوب مرغوبا عنه.
وأما اشتغال النفس بطلب كمال العلم فهو لذة فى الحال وسعادة فى الاستقبال ، وذلك لأن تصرف النفس فى العالم الجسمانى مشروط بتعلق النفس بالبدن.
أما قبول النفس للجلايا القدسية (٧ والمعارف الإلهية ، فغير موقوف على تعلق النفس بالبدن ، بل هذا التعلق كالعائق عن حصول كمالها ، فإذا انقطع هذا التعلق اشرقت تلك الجلايا الالهية ، فثبت بما ذكرنا أن التوجه إلى الافق الأعلى لطالب قبول الجلايا الالهية يوجب الكمال فى الحال والاستقبال.
__________________
(١) المخطوطة : الاعلى ، وعلى الهامش : «لعله الاسفل»
(٢) أيضا : محدود
(٣) أيضا : لا يمكنه