وهو المطلوب.
ولنقرر هذا البرهان بعبارة أخرى ، فنقول : إنا نعلم بالضرورة أنا إذا أبصرنا شيئا عرفناه وإذا عرفناه اشتهيناه أو كرهناه ، فإذا اشتهيناه حركنا أبداننا إلى القرب منه فلا بد من القطع بأن المبصر لذلك الشيء والعارف به والمشتهى له والمحرك إلى التقرب منه واحد ، إذ لو كان المبصر شيئا والعارف شيئا ثانيا (١) ، والمشتهى شيئا ثالثا والمحرك رابعا (٢) لكان الّذي ابصر لم يعرف والّذي عرف لم يشته ، والّذي اشتهى لم يحرك ، لكن من المعلوم أن ابصار شيء لا يقتضي كون شيء عالما (و) لا يقتضي كون شيء أخر شبيها له.
وأيضا فإنا نعلم بالضرورة أن الرائى للمرئيات «أنا» وإنى لما رأيتها عرفتها ولما عرفتها فقد اشتهيتها ولما اشتهيتها طلبتها ، وحركت الأعضاء إلى القرب منها ، ونعلم أيضا بالضرورة ان الموصوف بهذه الروية وبهذا العلم وبهذه (٣) الشهوة وبهذا التحريك شيء واحد لا أشياء كثيرة.
فالعقلاء قالوا الحيوان لا بد وأن يكون حساسا متحركا بالإرادة ، وذلك لأنه إن لم يحس بشيء البتة لم يشعر بكونه ملائما وبكونه منافرا ، وإذا لم يشعر بذلك امتنع كونه مريدا للجذب أو للدفع ، فثبت أن الشيء الّذي يكون متحركا (٤) بالإرادة فإنه بعينه يجب أن يكون حساسا ، وثبت ان المدرك بجميع الإدراكات والمباشر لتحريك جميع الأعضاء شيء
__________________
(١) المخطوطة : وبكل
(٢) أيضا : تابعا
(٣) أيضا : وبهذا
(٤) أيضا : محركا