غير اصل ، لأن معارفهم دائمة حاضرة بريئة عن طبيعة القوة والاستعداد ، فلا يتبدل عرفانهم بالغفلة ولا حضورهم بالغيبة وهذا هو المراد من قوله سبحانه : «يسبحون الليل والنهار لا يفترون» (١٤. ومن قوله عليهالسلام : «إنه من الملائكة قائمون لا يركعون وراكعون لا يسجدون ، ،. فامتنع أن يحصل لهم شوق من القسم الاول ، فإن حصل فذاك إنما يكون من القسم الثانى.
وأما البشر فهذان القسمان يمكن وقوعهما فى حقهم بالنسبة إلى المعارف الإلهية ، بل هما لا زمان لكل العارفين ضرورة.
أما القسم الأول فلأن الّذي يظهر للعارفين من الأمور الإلهية ، وإن كان فى غاية الوضوح والجلاء والإشراق ، إلا أنه يكون مشوبا بشوائب التخيلات ، فإن الخيالات [لا تقر فى] هذا العالم ولا تخلو (١) عن المحاكات والتمثيلات (الورقة ٢٥٨ ظ) وهى مكدرات لإشراق المعارف ولهذا قال عليهالسلام (١٥ : «إنه ليغان على قلبى وإنى لاستغفر الله فى اليوم سبعين مرة» ـ وتمام التخيل لا يحصل إلا فى الآخرة ، وحيث تزول الخيالات وتبطل التمثيلات ، فهذا هو النوع الأول من الشوق إلى الله تعالى.
وأما القسم الثانى ، فاعلم أن الشوق الّذي يكون من هذا القسم غير متناه (٢) ، ولو أن العارف خلق فى أول حدوث العالم إلى الآن ، وسار بأسرع سير فى درجات المعارف الإلهية ، بل طار حول عرش الجلال أشد الطيران ، وبقى على هذه الحالة إلى آخر أوقات أهل الجنة
__________________
(١) فى المخطوطة : لا تخلوا
(٢) أيضا : غير متناهى