اصالة البراءة بحث عن نفس الحكم الشرعي اذ يبحث فيه من أنه اذا شك في حلية شيء وحرمته كشرب التتن ما يكون حكمه شرعا ؛ وهل يكون دليل على حليته أو اذا شك في وجوب شيء وعدم وجوبه كالدعاء عند رؤية الهلال هل يكون على عدم الوجوب دليل أم لا؟ وبعبارة واضحة : لا فرق بين اصالة البراءة وقاعدة الطهارة وجميع القواعد الفقهية كقاعدتي الفراغ والتجاوز الى غيرها من القواعد فانه لا وجه لجعل اصالة البراءة من الاصول وجعل تلك القواعد الأخر من الفقه فانه ليس إلّا مجرد الا دعاء فالحق ما ذكرنا.
نعم لقائل أن يقول : الحق انه يفصّل بين البحث عن البراءة الشرعية وبين البحث عن البراءة العقلية بأن يقال البحث عن البراءة الشرعية بحث فقهي بما تقدم من البيان وأما البحث عن البراءة العقلية فحيث انه بحث عن أن العقاب بلا بيان قبيح عقلا ولازمه عدم وجوب الاحتياط عند الشك في الوجوب أو الحرمة فهو بحث اصولي فهذا يكون قولا بالفصل بين القولين وبه يقع التصالح بين الطرفين والله العالم.
المقام الثاني : في أنه لا نزاع بين الاصولي والاخباري فى ان البيان لو لم يتم كان العقاب مع عدم البيان قبيحا بحكم العقل وظلما وقد استقل العقل بقبح الظلم وعدم امكان صدوره عن المولى الحكيم ودلت جملة من الآيات والروايات على أن الله تعالى لا يظلم احدا وانه تعالى وتقدس غني عن الظلم وانما يحتاج الى الظلم الضعيف وعلى الجملة لا خلاف بين الفريقين في الكبرى وانما النزاع بينهما في الصغرى حيث ان الاخباري ذهب الى تمامية البيان بوجود العلم الاجمالي بجملة من التكاليف فيلزم الاحتياط ومن ناحية اخرى