يحتمل العقاب فلا مقتضي للاتقاء وأما الاتقاء عن الوقوع في المفسدة المحتملة أو الضرر المحتمل فغير واجب قطعا مضافا الى أنه يمكن احراز عدمهما بالاستصحاب كما قلنا سابقا فلاحظ.
الطائفة الثالثة : ما يدل على النهى عن الالقاء في الهلكة كقوله تعالى (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)(١) فبمقتضى الآية يحرم القاء النفس في الهلكة. وفيه ان المراد من الهلكة ان كان العقاب فالاصولي مع الاستناد الى ادلة البراءة لا يحتمل العقاب فكيف بالقطع به وان كان المراد بها المفسدة والضرر فمن الظاهر ان ارتكاب المشتبه لا يوجب الهلاك مضافا الى أن مقتضى الاستصحاب عدم ارتكابه موجبا للوقوع في الهلاك اضف الى ذلك ان الشبهة من هذه الجهة مصداقية ولا يجوز التمسك بالدليل مع الشك في المصداق فالنتيجة ان الآيات الكريمة لا تقتضي وجوب الاحتياط.
الوجه الثاني الروايات وهي طوائف الطائفة الاولى ما يدل على المنع عن الفتوى بغير علم لاحظ ما رواه أبو عبيدة قال : قال أبو جعفر عليهالسلام : من أفتى النّاس بغير علم ولا هدى من الله لعنته ملائكة الرّحمة وملائكة العذاب ولحقه وزر من عمل بفتياه (٢).
بتقريب ان الحكم بالترخيص مع الجهل بالواقع واحتمال وجود الالزام واقعا قول بغير العلم فلا يجوز. وفيه ان الاصولي اما يفتي بالترخيص بمقتضى روايات الدالة على البراءة واما يفتي بأن العقاب بلا بيان قبيح بحكم العقل فعلى كلا التقديرين يستند الى الحجة والدليل ولا يكون قوله بغير علم كى يشمله النص المشار اليه.
الطائفة الثانية : ما يدل على ان الوقوف عند الشبهة خير من
__________________
(١) البقرة / ١٩٥.
(٢) الوسائل الباب ٤ من ابواب صفات القاضى الحديث ١.