وقد ذكرنا مرارا ان الامر في الاصول العملية دائر بين البراءة والاستصحاب ولا مجال للاشتغال اذ الشك ان كان في حدوث التكليف يكون المرجع أصل البراءة وان كان الشك في سقوطه يكون المرجع الاستصحاب.
التنبيه الخامس : ان الاحتياط حسن حتى فيما قام الدليل على عدم الحكم في الواقع اذ ربما لا تكون الامارة مطابقة مع الواقع فالاحتياط حسن لكن بشرط أن لا يكون مخلا بالنظام فيحرم فلا بد للمكلف من ملاحظة هذه الجهة ويحتاط بحد لا ينجر الى الاختلال بالنظام.
وفي المقام شبهة وهي انه لو وصل الاحتياط الى حد الاخلال فاما أن لا يكون الحكم موجودا في الواقع واما يكون أما على الاول فلا موضوع للاحتياط وأما على الثاني فلا يكون الاحتياط حراما.
والجواب عن هذه الشبهة ان مجرد احتمال الحكم في الواقع موضوع لحسن الاحتياط فما دام لا يكون مخلا يكون حسنا واذا صار مخلا فلا بد من تركه وأما لو لم يتركه واحتاط يكون حسنا بالترتب اللهم إلّا أن يكون الاحتياط مصداقا للاخلال بحيث يكون الاحتياط بنفسه حراما ففي هذه الصورة لا مجال للاحتياط وفي هذا الفرض يدخل المقام في باب التزاحم ، مثلا لو فرض ان الدعاء عند رؤية الهلال كان واجبا في الواقع ولكن يوجب الدعاء عند الهلال الاخلال بالنظام يقع التزاحم بين وجوب الدعاء وحرمة الاخلال ولا بد من ملاحظة اقوى الملاكين هذا على تقدير انكشاف الواقع وأما مع الشك في وجوبه فلا تصل النوبة الى ملاحظة قانون باب التزاحم بل يجب بحكم العقل ترك الدعاء اذ المفروض انه مخل بالنظام والاختلال به حرام والمزاحم غير محرز فلاحظ هذا تمام الكلام في البراءة.