الوجه الرابع : ان الانذار بمعنى التخويف من العقاب وظيفة الواعظ والمفتي ، أما الواعظ فيعظ الناس ويخوفهم من العقاب على ترك الواجبات وارتكاب المحرمات ولا اشكال في وجوب الحذر لكون الحكم معلوما وأما المفتي فبفتواه ينذر ضمنا فاذا قال الشيء الفلاني حرام أو قال الفعل الكذائي واجب يستفاد من كلامه ضمنا التخويف من ارتكاب المحرم ومن ترك الواجب وأما الراوي فلا يكون منذرا فلا مجال للاستدلال بالآية على المدعى بالتقريب المذكور.
وأورد عليه : بأن الاخبار عن الوجوب أو الحرمة لا ينفك عن الانذار فيكون اخباره حجة فاذا ثبت كونه معتبرا في الجملة ثبت بالجملة لعدم القول بالفصل هذا على تقدير كون الآية في مقام التأسيس وجعل الحجية للخبر وأما ان قلنا بأن الخبر كان حجة قبل نزول الآية والآية انما نزلت لبيان نوع من أنواعه فالامر أسهل ولا نحتاج الى التوسل الى عدم القول بالفصل.
أقول : أما عدم القول بالفصل فلا يرجع الى محصل وبعبارة اخرى عدم القول بالفصل ان لم يرجع الى الاجماع فلا اعتبار به كما هو ظاهر وان رجع الى الاجماع فقد ثبت في بحث الاجماع عدم اعتبار الاجماع المحصل فكيف بالمنقول منه وأما كون الخبر الواحد حجة قبل نزول الآية فهو اول الدعوى والاشكال مضافا الى أنه لو كان كذلك فلا نحتاج الى الاستدلال بالآية فلاحظ.
واضافة الى جميع ذلك يرد على الاستدلال بالآية على المدعى بأن الظاهر من الآية وجوب الانذار استقلالا لا بالملازمة فلا تشمل الآية اخبار الراوي فلاحظ فتحصل ان الآية الشريفة لا تقوم باثبات المدعى.
الوجه الثالث : قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ