هذا ؛ ولكنّ فرض تعين التأويل نادر في الغاية ، إذ في الغالب المعنى التأويلي متعدد ، نعم كثيرا ما يكون أحد التأويلات أقرب ، وحال هذه الصورة أيضا حال صورة التعين كما لا يخفى! فالأقوى فيها أيضا الأخذ به ، وإن لم يعلم كونه مرادا واقعيّا.
هذا وأمّا الصورة الثانية : وهي ما إذا كان التأويل متعددا ، ولم يكن بعضها أقرب فلا إشكال في أنّه لا يجوز الأخذ بأحد التأويلات اقتراحا ، والبناء عليه بدعوى أنّه جمع بين الدليلين بحسب الإمكان ، إذ لا دليل على ذلك أصلا ، إذ على فرض تماميّة الإجماع ـ الذي يدعيه صاحب الغوالي على ما يسند إليه ـ في الجمود على ظاهر كلامه لا ربط له بالمقام ، إذ قد عرفت أنّ كلامه مفروض في الخبرين الظنيين ولذا قال بالرجوع إلى المقبولة بعد عدم إمكان الجمع ، فهذه الصورة خارجة عن محل الإجماع ، ومناط القاعدة أيضا غير جار فيها ، إذ الأصل في الدليلين الإعمال مع الإمكان العرفي ، ومع تعدد الاحتمال لا إمكان عرفا.
ّ إذا لم نأخذ بالمعنى التأويلي إمّا لتعدده أو لعدم الاعتبار به في صورة التعين للوجه الذي ذكر فهل يحكم بالإجمال ويتساقط الظهوران ، والرجوع إلى الأصل في المسألة؟ أو يحكم بالتخيير بين الأخذ بهما؟ وجهان ؛ قوّى المحقق الأنصاري قدسسره ونوّر الله مرقده (١) الأوّل ؛ لعروض الإجمال بواسطة التعارض.
قلت : التحقيق أن يقال : إنّ اعتبار الظواهر إمّا من باب بناء العقلاء كما هو الحق أو من باب التعبّد الشرعي ؛ بدعوى أنّه من جهة الإجماع على العمل بها بين العلماء وأصحاب الأئمة عليهمالسلام الكاشف عن رضاهم عليهمالسلام ، وعلى التقديرين : الحق التساقط والرجوع إلى الأصل ؛ لا لمجرّد الإجمال العرضي (٢) بسبب المعارضة ، بل لقصور الدليلين أيضا عن شمول صورة التعارض ، إذ القدر المسلّم من بناء العقلاء وإجماع الأصحاب والعلماء من العمل بالظواهر إنّما هو غير صورة المعارضة ، فلا وجه للحكم بالتخيير ، إذ ملاكه كون كل من الدليلين المتعارضين واجب العمل عينا حتى
__________________
(١) لا توجد في نسخة (ب) كلمة «ونوّر الله مرقده».
(٢) في النسخة : تعرضي ، وصحّحنا المتن من نسخة (ب).