الموضوع بلحاظ أثر ولا يثبته بلحاظ أثر آخر ، ففيما نحن فيه الظهور الواحد مشمول للدليل باعتبار ، وليس مشمولا له باعتبار آخر ، وبتقرير آخر الدليل الظاهر في الوجوب ظاهر في الرجحان أيضا ضمنا ، بعين ظهوره في الوجوب ، وكذا الظاهر في الندب ، فهذا المدلول المطابقي بما هو مثبت للمعنى التضمني مشمول للدليل ، وبما هو مثبت للمطابقي غير مشمول ، وكذا الحال بالنسبة إلى المدلول الالتزامي ؛ فلا يلزم التفكيك ، إذ هو إنّما يكون إذا أخذنا بالمدلول التضمني أو الالتزامي من غير أخذ بالمطابقي ، وعلى ما بيّنا المأخوذ إنّما هو المطابقي إلا أنّه بلحاظ ثبوت حكم المدلول (١) التضمني أو الالتزامي (٢) ، وسيأتي تتمة بيان (٣) عند التكلم في الأصل في المتعارضين إن شاء الله.
هذا ولك أن تقول : إنّ ما ذكرت وإن كان ممكنا ؛ إلا أنّ الدليل لا يساعد عليه في المقام ، حيث إنّه ليس إلا بناء العقلاء ، وهم يحكمون بالإجمال ويطرحون الظاهر بالمرّة إلا في صورة العلم بإرادة أحد الظاهرين ، وهي خارجة عن محل الإشكال ، كما عرفت ، فما ذكرت إنّما يثمر فيما إذا كان دليل الاعتبار تعبديا شاملا لصورة المعارضة ؛ فتأمل! فإنّه يمكن دعوى أنّ العقلاء أيضا إنّما (٤) يطرحون الظاهر بمقدار المعارضة ، وبقدر الاضطرار ، فيحكمون بمقتضى القدر المشترك بين الظاهرين إذا لم يكن الاضطرار إلا إلى تأويل أحدهما لا بعينه ، فأثر القدر المشترك بين الدليلين وهو نفي الثالث وثبوت القدر المشترك ثابت عندهم.
وممّا ذكرنا ظهر حال الدليلين المختلفين في القطعيّة والظنيّة بحسب السند ، فإنّه إذا أمكن الجمع العرفي بينهما بأن كان أحدهما نصا أو أظهر والآخر ظاهرا يجمع بينهما ، ويجعل النص والأظهر قرينة على (٥) الظاهر ، من غير فرق بين أن يكون القطعي هو النص والأظهر أو الظاهر ، وإلا فلا دليل على الجمع والأخذ بالتأويل
__________________
(١) في النسخة : مدلول.
(٢) من قوله «من غير أخذ ـ إلى قوله أو الالتزامي» لا يوجد في النسخة (ب).
(٣) في نسخة (ب) : بيان لذلك ...
(٤) لا توجد هذه الكلمة في نسخة (ب).
(٥) في النسخة : عن ، وصحّحناه من نسخة (ب).