الذي لا يساعد عليه العرف ، نعم لا يحكم حينئذ بالإجمال كما في القطعيين بل يؤخذ بالقطعي ويطرح الظني ، لأنّ قطعيّة السند أولى بالمرجحيّة من الأعدليّة والأوثقيّة ونحوهما في تعارض الظنيين.
وأيضا في هذه الصورة لا يؤخذ بالمعنى التأويلي المتجدد (١) إن كان متعينا إذا كان بعيدا ، وإن قلنا بوجوب أخذه ما في القطعيين ، لعدم جريان الوجه الذي ذكرنا هناك ؛ من أنّ العرف بعد لحاظ القطعيّة يساعد على أخذه ويجعل القطعيّة قرينة عليه ، هذا ويخالف ما ذكرنا من تقديم النص والأظهر مطلقا وإن كان في مقابلهما ظاهر قطعي الصدور ما ذكروه في باب بناء العام على الخاص من الأقوال في جواز تخصيص الكتاب بخبر الواحد ، فإنّه أسند إلى جماعة المنع منه مطلقا ، وإلى بعضهم الجواز وعن بعض التفصيل بين العام المخصّص بقطعي متّصل أو منفصل ؛ فيجوز تخصيصه بخبر الواحد ، وبين غيره فلا ، وعن بعضهم التفصيل بين العام المخصّص بدليل منفصل ولو ظني غير الخبر فيجوز تخصيصه ، وبين غيره فلا ، واستدلّ المانع بوجوه يظهر من بعضها سريان المنع إلى كل قطعي الصدور ، وإن لم يكن عامّا كتابيا ، ومن بعضها الاختصاص بالكتاب ، فإنّ من أدلتهم :
أنّ الكتاب قطعي الصدور والخبر ظني فالقطعي لا يعارض بالظني.
ومنها : أنّه لو جاز التخصيص لجاز النسخ ؛ واللازم باطل بالاتفاق.
ومنها : قوله تعالى (فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ)(٢) ، ولا ريب أنّ الكتاب أحسن من الخبر.
ومنها : الأخبار الدالة على طرح الخبر المخالف للكتاب.
وكيف كان فالحق ما ذكرنا من تقديم النص والأظهر مطلقا ، لأنّ التعارض بين الدلالتين لا بين السندين ، وهو بدوي ، وإلا فبعد التأمل يجعل النص والأظهر قرينة على المراد من الظاهر ، ومن ذلك يظهر أنّ الأخبار الدالّة على طرح ما يخالف الكتاب لا تشمل هذا الباب ، وهذا هو الصواب في الجواب ، لا ما في الفصول من
__________________
(١) في نسخة (ب) : التأويلي المتحد.
(٢) الزمر : ١٨.