النص قطعيا كانت واردة ؛ نظير الدليل العلمي في قبال الأصول العمليّة.
ويزيّف بأنّ مناط الورود أن يكون الوارد مخرجا لمجراه عن موضوع المورود كما في الدليل (١) والأصول ، والنص لا يخرج مورده عن مدلول العام ، بل عن حكمه ، نعم ؛ هو وارد على دليل اعتباره ، لأنّ وجوب حمل اللفظ على ظاهره شرعا وعرفا معلق على عدم مجيء القرينة ، لكن أين هذا من ورود النص على الظاهر ، قال : ومن ذلك يظهر أنّه من باب الحكومة ، لأنّ اعتبار المحكوم موقوف على عدم مجيء الحاكم ، فإذا كان اعتبار أصالة العموم موقوفا على عدم مجيء المخصّص فيكون حاكما ، ثمّ ضعّفه بأنّ الحاكم ما كان مفسرا للمحكوم ، وهذا هو المائز بينه وبين غيره من أقسام التعارض ، وليس الخاصّ مفسّرا للعام ، ثمّ جعله من باب الترجيح ، وضعّفه أيضا بأنّ الترجيح فرع أن يكون الدليل له شأنيّة الحجيّة ، والظن النوعي غير قابل للتعبّد به مع القطع بالخلاف ، فالأوجه أن يقال إنّه وجه رابع وهو أنّه لا تكون أصالة العموم معتبرة ودليلا في قبال النص القطعي فهي ساقطة بعدم الاعتبار ، إذ هي معتبرة في حق الجاهل لا العالم بالحال.
قال : فما في رسالة الأستاذ العلامة قدس سرّه : من ورود بعض الأصول اللفظيّة على بعض كالخاصّ القطعي في مقابل العام ؛ غير واضح ، هذا.
وذكر في النص الظني السند (٢) ما نقلناه سابقا من أنّ التعارض وإن كان حينئذ بين سند النص ودليل اعتبار الظاهر ، وأنّ كلا منهما معلّق على عدم مجيء الدليل على الخلاف إلا أنّ دليل اعتبار السند لفظي قابل للتمسك بعمومه ، ودليل اعتبار الظاهر لبّي لا إطلاق فيه ، ويشترط في المتعارضين تساويهما في دليل الاعتبار إطلاقا وتقييدا ، وفي المقام لمّا كان أحدهما لفظيا والآخر لبيا ؛ كان الأول مقدما كما لو قلت إنّ النص حاكم نظرا إلى كون اعتبار الظاهر مشروطا عرفا على عدم (٣) مجيء الدليل على خلافه لم يمكن القلب والمعارضة (٤).
__________________
(١) في نسخة (ب) : الأدلة.
(٢) بدائع الأفكار : ٤١١.
(٣) الأفضل في العبارة : مشروطا بعدم ...
(٤) هذا جواب قوله : لمّا كان أحدهما ...