في ضمن الوجوب ، وعلى فرض عدم حمله على ذلك ، بدعوى عدم قربه فنقول : إنّ الدليل شامل له أيضا ، وفائدة شموله إثباته مطلق الرجحان ، وإن صار مجملا بعد صرفه عن ظاهره من الاستحباب ، وثبوت الرجحان من الخبر الدال على الوجوب لا ينافي كون هذا أيضا دليلا عليه ، فيكون مطلق الرجحان ثابتا بدليلين ، وخصوص الوجوب بدليل واحد.
هذا وأمّا الجمع بالشاهد فهو أيضا في الحقيقة راجع إلى الجمع العرفي ، فإنّه وإن لم يساعد عليه العرف بملاحظة نفس الخبرين ، لمكان كون كل منهما ظاهرا مكافئا للآخر ، إلا أنّه بملاحظة الشاهد يرجع إليه ، ولا يشمل مورده الأخبار العلاجيّة ، مثلا : إذا ورد الأمر بالقصر في أربعة فراسخ ، وورد الأمر بالإتمام فيها ، فهما وإن كانا متكافئين ؛ إلا أنّه إذا ورد خبر منفصل (١) بين الرجوع ليومه أو عدمه كما يدعى بالنسبة إلى ما ورد في مقام التعليل للقصر من أنّه إذا ذهب ورجع بريدا فقد شغل يومه ؛ بدعوى : أنّه يظهر منه أنّ المدار في القصر على شغل اليوم فعلا ، وهو إنّما يكون بالرجوع ليومه ، فهذا الخبر يكون أخص من كل واحد من الخبرين الأولين فيخصّصان به ، ويصير شاهدا للجمع بينهما ، وكذا في مسألة صلاة العاري المختلفة فيه الأخبار :
منها : الآمرة بالصلاة قائما موميا (٢).
ومنها : الآمرة بالصلاة قاعدا (٣).
ومنها : المفصّلة بين وجود الناظر وعدمه (٤).
وكذا إذا كان الشاهد هو الإجماع على التفصيل : فإنّه أيضا مخصص لكل واحد من الخبرين ، وكذا إذا كان هو الحكم العقلي.
والحاصل أنّ في هذه الصورة يكون التعارض بين ثلاثة أخبار أو ثلاثة أدلّة ومقتضى الجمع العرفي ما ذكر ، فلا تدخل تحت الأخبار العلاجيّة ، ولا يكون موردا
__________________
(١) في نسخة (ب) : خبر مفصل.
(٢) وسائل الشيعة : ٤ / الباب ٥٠ من أبواب لباس المصلي ، حديث ١ ، ٢ ، ٣ ، ٤.
(٣) المصدر السابق ؛ باب ٥١ حديث ١.
(٤) المصدر السابق ؛ باب ٥٠ حديث ٤.