للتساقط بناء على الإغماض عنها.
هذا واعلم أنّه قد يكون الخبران ظاهرين متساويين في الظهور ، ولا يكون هناك شاهد على الجمع من نقل أو عقل ، إلا أنّه يستفاد من الجمع بينهما وملاحظتهما معا ومعنى (١) ثالث في العرف بحيث يكون كلّ منهما قرينة على إرادة خلاف الظاهر من الآخر ، مع تعين ذلك المخالف ، فيجمع بينهما بذلك ، كما في النص والظاهر ، إلا أنّ فرضه بعيد ؛ لكنّه لو وجد فحاله حالهما فيما ذكر ، ولا تشمله الأخبار العلاجيّة.
واعلم أنّه أيضا ربّما يستظهر من جماعة خلاف ما ذكرنا من وجوب الجمع إذا ساعده العرف مثل حمل العام على الخاص والمطلق على المقيد ونحوهما ، منهم الشيخ في الإستبصار (٢) حيث إنّه بعد ما ذكر الأعدليّة والأكثريّة قال : فإن كانا متساويين في العدالة والعدد ، وكانا عاريين عن القرائن التي ذكرناها ، ينظر فإن كان متى عمل بأحد الخبرين أمكن العمل بالآخر على بعض الوجوه ، وضرب من التأويل كان العمل به أولى من العمل بالآخر الذي يحتاج مع العمل به إلى طرح الخبر الآخر ، لأنّه يكون العامل به عاملا بالخبرين معا.
وإن كان الخبران يمكن العمل بكل منهما ، وحمل الآخر على بعض الوجوه من التأويل ، وكان لأحد التأويلين خبر يعضده أو يشهد به على بعض الوجوه صريحا أو تلويحا ، لفظا أو منطوقا ، أو دليل الخطاب (٣) ، وكان الآخر عاريا عن ذلك ؛ كان العمل به أولى من العمل بما لا يشهد له شيء من الأخبار ، وإذا لم يشهد لأحد التأويلين شاهد آخر وكانا متساويين ؛ كان مخيرا في العمل بأيّهما .. انتهى.
وقريب منه ما نقل عنه في العدّة (٤) ، فإن مقتضى إطلاقه أنّ الجمع المذكور متأخر عن المرجحات السنديّة.
ومنهم بعض المحدّثين من متأخري المتأخرين : حيث أنكر حمل الخبر الظاهر في الوجوب أو التحريم على الاستحباب أو الكراهة المعارضة خبر الرخصة ، لأنّه
__________________
(١) الظاهر أنّها : معنى ثالث.
(٢) الإستبصار : ١ / ٤.
(٣) المقصود بدليل الخطاب : لسان الفحوى ، أو الأولويّة.
(٤) عدّة الأصول : ١ / ١٤٧ ـ ١٤٨.