طريق جمع لا إشارة إليه في أخبار الباب ، مع أنّه من الجمع العرفي ، بل ظاهره إنكار مطلق الجمع ، وأنّ الواجب الرجوع إلى المرجّحات.
ومنهم المحقق القمي رحمهالله : حيث إنّه بعد الحكم بوجوب بناء العام على الخاص قال (١) : وقد يستشكل بأنّ الأخبار قد وردت في تقديم ما هو مخالف للعامة ، أو موافق للكتاب ، أو نحو ذلك ؛ وهو يقتضي تقديم العام لو كان هو الموافق للعامّة (٢).
وفيه : إنّ البحث منعقد لملاحظة العام والخاص من حيث العموم والخصوص ، لا بالنظر إلى المرجحات الخارجيّة ، إذ قد يصير التجوز في الخاص أولى من التخصيص في العام ؛ من جهة مرجح خارجي ، وهو خارج عن المتنازع .. انتهى.
فيظهر منه الرجوع إلى المرجّحات مع وجود الجمع العرفي ؛ غاية الأمر أنّه أيضا ملحوظ من حيث هو ، بمعنى أنّه مع التساوي من جميع الجهات الخاص مقدم.
هذا ؛ ولا يضر مخالفتهم فيما ذكرنا من دعوى الإجماع كما لا يخفى ، مع أنّ الشيخ صرّح في باب بناء العام على الخاص من العدّة ـ على ما حكي عنه ـ بأنّ الرجوع إلى الترجيح والتخيير إنّما في تعارض العامّين من وجه ، دون العام والخاص ، بل لم يجعلهما من المتعارضين أصلا.
وكذا المحقق القمي رحمهالله صرّح بما ذكرنا ؛ بل لم يظهر منه في قاعدة الجمع ـ على ما ذكره في المقام ـ وفي باب تخصيص العام بمفهوم المخالفة التفصيل الذي ذكرناه ، نعم في بعض كلماته ما يظهر منه المخالفة في الجملة ، حيث إنّه ذكر أنّ الجمع الذي لا يلاحظ معه المرجّحات إنّما هو في مقابل الإسقاط بالمرّة ، وأمّا في إجراء التأويل في هذا أو ذاك فلا بدّ من ملاحظة المرجّحات ، فإنّه كما يمكن تأويل العام بإخراجه عن حقيقته كذلك يمكن تأويل الخاص.
ومراده من المرجحات كما (٣) يظهر من كلامه في باب تخصيص العام بمفهوم المخالفة أعم من مرجحات الدلالة والسند (٤) ، ولكنّه قيّد الأخذ بالمعنى التأويلي بما
__________________
(١) قوانين الأصول : ١ / ٣١٥ ـ ٣١٦ ، وفي طبعة أخرى : ٢ / ٤٠٤.
(٢) في نسخة (ب) : لو كان موافقا للكتاب ، بدل من : الموافق للعامّة ، وهو الموافق للمصدر.
(٣) في نسخة (ب) : على ما.
(٤) في نسخة (ب) : الدلاليّة والسنديّة.