متوقفون في صورة العلم الإجمالي بالخلاف ؛ أعمّ من أن يكون لورود خطاب مجمل أو لا ، ولكن يشكل بما ذكرنا : من أنّ اللازم عدم التمسّك في الصورة التي فرضنا ، ولا يمكن الالتزام ؛ إلا أن يفرق بين قلّة الأطراف وكثرتها ، وكون ذلك في العام الواحد والعمومات المتعددة ، وهو كما ترى!.
والتحقيق جواز التمسّك بها خصوصا في صورة العلم الغير المستند إلى خطاب مجمل ؛ هذا.
ولا يخفى أنّا لو قلنا بعدم جواز التمسّك بالعمومات في المقام من جهة توقف العقلاء فلا نقول بذلك في مقامنا ، إذ هو خاص ، بما كان الحكم الواقعي ثابتا في حدّ نفسه ـ كما ذكرنا ـ لا مثل عمومات دليل الحجيّة ، ولذا لا يقال بالتوقف في عمومات أدلّة الأصول مع العلم الإجمالي بخلافها ، إلا أن يكون منجزا للتكليف ، والسرّ أنه لا تضر مخالفة الواقع في الواقع في جعلها حسبما عرفت ، فالعلم الحاصل بالخلاف ليس علما بعدم ثبوت هذا الحكم الظاهري في بعض الأطراف حتى يكون مانعا عن شمول العموم.
فما قد يتخيّل من عدم الشمول من جهة أنّ المدرك في العمل بالعمومات بناء العقلاء ، وهم لا يعملون مع العلم الاجمالي بالخلاف ، لا وجه له ، إذ على فرض تسليمه إنّما يقدح في عمومات أدلّة التكاليف لا عمومات أدلّة الحجيّة ، والفرض أنّ هذا الإشكال ـ على فرض تماميته ـ إنّما يقدح في الجواب الثالث لا الثاني.
فالحق أنّه لا مانع من شمول العمومات في المقام ، إلا على ما ذكرنا سابقا من عدم إمكان نصب الحجّتين المتعارضتين ، لاستلزامه التناقض ؛ خصوصا بناء على الطريقيّة ، ومع الإغماض عن ذلك لا مانع ، وحيث عرفت سابقا أنّ الحق عدم الإمكان ، فالحق عدم الشمول ، لكنّ هذا إذا قلنا إنّ معنى الحجيّة إيجاب العمل بالمؤدى.
وأمّا إذا قلنا إنّ معناها جعل الشيء مثبتا للواقع ؛ حسبما يأتي بيانه ، فلا مانع من الشمول ، إذ يمكن أن يجعل طبيعة الخبر مثلا مثبتا للواقع ، ونازلا منزلة العلم ، وإذا تعارض فردان منها فكما لو تعارضت بعض الأسباب العقليّة مع بعض ، ولازمه