«وممّا ذكرنا ظهر أنّ مسألة اجتماع الأمر والنهي ليست من باب التعارض ؛ أمّا على القول بالجواز فواضح ، وأمّا على القول بالمنع فلأنّها نظير باب التزاحم ، بل منه من حيث إنّ النهي التعييني زاحم الأمر التخييري ، وحيث إنّ الأول أولى بالتقديم فيحكم بالحرمة في مقام الفعليّة ، ولذا لو فرضنا عدم المندوحة من الطرفين بأن انحصر المكان في المغضوب ودار الأمر بين ترك الصلاة أو ارتكاب الغصب لا يرجع إلى المرجحات لأحد الدليلين بل إلى مرجحات أحد التكليفين من أولويّة دفع المفسدة أو أولويّة مراعات حقّ الناس أو نحو ذلك ، وإنّما قلنا إنّها من باب التزاحم لأنّ المفروض في تلك المسألة أن يكون النهي تامّ الاقتضاء ومتعلّقا بجميع أفراد الطبيعة من حيث هي ، والأمر كذلك».
والجدير بالذكر أنّ للمصنف رسالة مستقلة في مسألة اجتماع الأمر والنهي.
ومن الآراء الأصوليّة التي شاع بين أهل العلم بأنّها مختار السيد ما نسب له من قوله بجواز التمسك بالعام في الشبهة الموضوعية (المصداقية) للدليل ، واستظهروا ذلك من بعض مسائله في العروة ، لكنّ هذا محل تأمل! والوجه فيه أنّ التمسك بالدليل في الشبهة الموضوعيّة على شقين :
١) التمسك بالدليل في الشبهة الموضوعيّة لنفس الدليل العام.
٢) التمسك بالدليل في الشبهة الموضوعيّة للدليل المخصص.
فأمّا الأول فهو مورد اتفاق في المنع عنه وأما الثاني فهو محل خلاف بينهم ، والمنسوب إلى السيد تجويزه في الثاني ، إلا أنّ الذي يظهر من كتابه هذا هو عدم قوله بجواز التمسك ، فإنّه قال فيما لو كانت الشبهة حكميّة أمكن التمسك بالإطلاقات والعمومات ، وأمّا لو كانت الشبهة موضوعيّة فلا يصح التمسك (١) ، نعم لو كان هنا أصل ينفي ما عدا العام من الفرد المشكوك أمكن نفيه بالأصل لا بالتمسك
__________________
(١) لا بدّ أن يكون مراده من المطلق هنا خصوص الدليل المخصص بقرينة لجوئه إلى نفي الفسق في المثال إلى أصالة عدم الفسق ليثبت به نفس ما أراد إثباته من الدليل المخصص ، وحيث إنّه لا يصح به لجأ إلى الأصل.