وكيف كان ؛ فربّما تعنون المسألة ـ كما عن تمهيد القواعد (١) ـ بأنّه لا إشكال في إمكان التعادل ووقوعه في نظرنا ، وإنّما النزاع والإشكال في التعادل الواقعي ، وربّما تعنون بأنّه هل يمكن وقوعه شرعا أو لا؟ بعد عدم الإشكال في إمكانه عقلا ، كما عن العلامة في التهذيب (٢) ؛ قال : لا إشكال في جوازه عقلا ، وإنّما الإشكال في جوازه شرعا ، والظاهر أنّ مراده من الجواز العقلي هو الإمكان الذاتي ، ومن الجواز الشرعي هو الجواز بلا لزوم محذور من عبث أو قبح أو نحوهما.
وعن العميدي (٣) أنّه قال : إنّ المراد من الجواز العقلي الجواز في الأمارات العقليّة ، ومن الجواز الشرعي الجواز في المجعولات ، والظاهر من عبارة العلّامة ما ذكرنا ، وإن كان العميدي أعرف بمراده ، وعن بعض المتأخرين المنع من إمكانه عقلا أيضا.
وقال في الفصول (٤) : لا خلاف في إمكانه ووقوعه في الأمارات المثبتة للموضوعات ، وإنّما الخلاف في أدلّة الأحكام.
قلت : التحقيق أنّه لا إشكال في إمكانه ووقوعه في نظر المجتهد ، سواء في الأمارات أو الأدلّة (٥) ، وأمّا في الواقع بمعنى كون الأمارتين أو الدليلين سواء في الحجيّة ، بحيث كان الدليل متعارضا ؛ ففي غير المجعولات بمعنى الأمارات العقلائيّة لا إشكال ؛ إذ نرى بالوجدان تعارض الأمارتين اللّتين كل منهما حجّة من حيث هي ، بمعنى أنّها أمارة (٦) وإن كانت الحجّة الفعليّة عندهم أحدهما ، أو ليس شيئا منهما ، ولا فرق في ذلك بين أمارات الموضوعات وأدلّة الأحكام ، وأمّا في المجعولات : ففي إمكان جعل كلّ منهما حجّة إشكال ، بل التحقيق أنّه لا يمكن
__________________
(١) حكاه السيد المجاهد في مفاتيح الأصول : ٦٨٢ ، وراجع التمهيد : ٢٨٤.
(٢) المصدر السابق في الحكاية.
(٣) حكاه عنه الميرزا الرشتي في البدائع : ٤١٦ ، قال : .. فجعل محل الوفاق الأمارات العقليّة كالبرق المتواتر في الصيف ، ومحل الخلاف الأمارات الشرعيّة.
(٤) لم نعثر عليه في محله من الكتاب.
(٥) في النسخ (ب) و (د) : .. والأدلة.
(٦) بعدها في نسخة (ب) و (د) : كاشفة عن الواقع.