نعم ؛ لو أريد أنّ الرواية ليست ناظرة إلى التخيير بين الخبرين ، بل إلى حكم الأصل والعقل ، فيرجع إلى الاحتمال السابق.
وممّا ذكرنا ظهر أنّ اختصاص الخبر بالصورة المذكورة ـ بناء على الوجه الأول ـ لا يضر بالاستدلال للكليّة ؛ لما عرفت من الإجماع المركّب ، فمع فرض كونها ناظرة إلى التخيير بين الخبرين يكون دليلا على الكليّة.
ومنها : ما رواه في الكافي (١) بعد الحسنة المذكورة قال : وفي رواية أخرى «بأيّهما أخذت من باب التسليم وسعك» ، والظاهر أنّ مراد الكافي أنّه من تتمة الخبر السابق لكن لا نعلم أنّه في موضع قوله عليهالسلام «فهو في سعة حتى يلقاه» ، أو قبله أو بعده ، ويحتمل أن يكون مراده ذكر رواية أخرى لا دخل لها بالسابق ، وعلى أي حال دلالتها واضحة وعلى تقدير كونها من تتمة السابق يؤيد دلالة السابق أيضا ؛ كما لا يخفى.
ومنها : ما في ديباجة الكافي (٢) بعد حكمه بالتخيير بين الخبرين المتعارضين من قوله : .. لقوله عليهالسلام «بأيّهما أخذتم (٣) من باب التسليم وسعكم».
والظاهر أنّه غير الروايات السابقة وإن كان يحتمل أن يكون غرضه النقل بالمعنى ؛ لكن اختلاف التعبير دليل على الاستقلال ، ويؤيده نقله عن العالم عليهالسلام ، والمراد به عليهالسلام بحسب الاصطلاح موسى بن جعفر عليهالسلام ، والأخبار السابقة ليست منقولة عنه عليهالسلام فتأمّل!
فإنّه نقل قبل هذه الفقرة بعض فقرات المقبولة وأسنده إلى العالم ، مع أنّ المقبولة مرويّة عن أبي عبد الله عليهالسلام فيظهر أنّ مراده من العالم الإمام عليهالسلام لا خصوص السابع.
ومنها : خبر العيون (٤) عن الرضا عليهالسلام ، وفيه ـ بعد ذكر العرض على الكتاب والسنّة ـ بيان طويل : «فما كان في السنّة موجودا منهيّا عنه نهي حرام ، أو مأمورا به عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أمر إلزام ، فاتّبعوا ما وافق نهي رسول الله صلىاللهعليهوآله وأمره ، وما كان في السنّة نهي
__________________
(١) الكافي : ١ / ٨.
(٢) الكافي : ١ / ٨.
(٣) في سائر النسخ : أخذت ، والإصلاح من المصدر.
(٤) عيون أخبار الرضا : ٢ / ٢١ ، عنه : وسائل الشيعة : ٢٧ / باب ٩ من أبواب صفات القاضي ، حديث ٢١.