: إنّ هذا الفرض نادر كالمعدوم ، فلا يمكن حمل هذه المطلقات المتكثرة على هذا الفرض ، مع أنّ في مورد خبر الحميري يمكن الاحتياط ، ومع ذلك حكم بالتخيير ؛ فهذا يدلّ على عدم تخصيص التخيير بحالة عدم إمكان التوقف والاحتياط.
فالعمدة في الإيراد هو الوجه الأول : من معارضة الخاص بحال الحضور من أخبار التوقف بمثله من أخبار التخيير.
ومنها : أنّ أخبار التوقف ولو باعتبار بعضها نصّ في حال الحضور ، ظاهرة في حال الغيبة ، وأخبار التخيير على العكس من ذلك ؛ لأنّ القدر المتيقن من التخيير ـ على فرض القول به ـ هو زمان الغيبة ، فيكون نصا فيه ، فيطرح ظاهر كلّ من الطائفتين بنص الآخر.
وفيه :
أولا : ما ذكر من نصوصيّة بعض أخبار التخيير في حال الحضور.
وثانيا : إنّ كون حال الغيبة قدرا متيقنا من التخيير لا يثمر في النصوصيّة بالنسبة ، كما ذكرنا سابقا ؛ بل لا بدّ من كون العبارة بحسب الدلالة نصا من جهة ، وظاهرا من أخرى ، وهذا المعنى وإن كان متحققا في أخبار التوقف ؛ لكن في أخبار التخيير ليس كذلك (١) ، ثمّ إنّ هذه الجموع الثلاثة على فرض تماميتها تدل على التخيير ، إمّا مطلقا كالأولين ، أو في خصوص محل ابتلائنا كالثالث.
الرابع : الجمع الذي ينتج التوقف مطلقا ، وهو حمل أخبار التوقف على صورة إمكان الاحتياط ، وحمل أخبار التخيير على صورة عدم إمكانه ؛ كالدوران بين المحذورين ، وذلك إمّا لأنّ مورد جملة من أخبار التخيير صورة الدوران بين المحذورين ؛ فيكون شاهدا للجمع ، وإمّا لأنّ أخبار التوقف تكون بهذه الملاحظة أخصّ من أخبار التخيير ، فيقدم عليها.
ودعوى أنّ ظاهر لفظها عام غاية الأمر أنّ العقل الحاكم بعدم جواز الأمر بالتوقف في صورة عدم الإمكان خصصها ، والمعتبر في مقام المعارضة ـ كما ذكر سابقا ـ
__________________
(١) والوجه فى مطلوبيّة تحقق النص والظاهر كلّ من جهة في أخبار التوقف وأخبار التخيير .. حتى تتم المعارضة بين كلتا الطائفتين فيتوجه القول بالنسبة أو عدمها.