حجّة ، وفي أنّ الأمر للوجوب ، وفي أنّ هذا خبر العادل وأنّه معارض له .. إلى غير ذلك من المبادي ، فلا بأس ؛ إذ هذا يرجع إلى التقليد في المسألة الفرعيّة ، بل التقليد في وجوب الأمر الفلاني راجع إلى التقليد في الأمور المذكورة ، والفرق إنّما هو في اللحاظ ، وفي الإجمال والتفصيل ، وصيغته في الأول إنّما هو من حيث إنّه تقليد في المسألة الفرعيّة ، لا من حيث إنّه تقليد في الأصول.
وأمّا التقليد في المسائل الأصوليّة إذا لم يرجع إلى التقليد في الفرعيّات بأن يقلّد في بعض المقدمات ويجتهد في بعضها ويأخذ بالنتيجة فلا يجوز ، بل لو قطع ببعض المقدّمات وقلّد في بعضها لا يجوز أيضا ، فلو فرضنا أنّه قطع بجميع مدارك المسألة إلا أنّه لا يدري أنّ الخبر حجّة أم لا ؛ لا يجوز له أخذ الحجيّة من المجتهد وإعمال سائر المقدمات ، بحيث تكون النتيجة بأخذه واستنباطه ، بل أقول في الفرض الأول ـ الذي قلنا بالجواز ـ يجب أن يقلّد مجتهدا واحدا (١) ، فلو أخذ البعض من أحد المجتهدين والبعض من الآخر لا يجوز ؛ لأنّ أخذ النتيجة حينئذ باستنباطه ولا يرجع إلى التقليد في المسألة الفرعيّة إذا فرضنا أنّ النتيجة مخالفة لفتوى المجتهدين ، بل وإن كانت موافقة لأحدهما أو لكليهما أيضا إذا كانت المدارك مختلفة ، وكلّ منهما يخطّئ مدارك صاحبه.
وإنّما قلنا بعدم جواز التقليد في الأصول مع أنّ المفروض أنّ التكليف بها مشترك ؛ لأنّ القدر المتيقن من الأخذ بقول الغير بلا دليل ـ الذي هو على خلاف القاعدة ـ هو في خصوص الفروع ، والإطلاقات (٢) منصرفة عن المقام ، أو يشك في شمولها له ، مضافا إلى ظهور إجماعهم على اختصاص التقليد بالفروع ، وهذا هو العمدة وإلا فيمكن منع الانصراف في الإطلاقات سيّما بملاحظة إمكان دعوى أنّ التقليد على طبق القاعدة من أنّ غير أهل الخبرة عليه الرجوع إليه ، وقد ادّعى بعضهم الإجماع على هذه القاعدة ، بل هي معلومة من طريقة العقلاء ، إلا أن يقال : إنّ القدر المتيقن منها ما إذا كان المطلب مستفادا من الأمور الحسّيّة لا الحدسيّة الظنيّة مثل مسائل
__________________
(١) جاء بعدها في النسخة (ب) : فيما لو فرضنا أنّه قلّد في الجميع.
(٢) في نسخة (د) : والإطلاق.