الفقه والأصول ؛ فتدبّر.
وكيف كان ؛ ففي الإجماع كفاية ، نعم لو فرضنا أنّ المقلّد اجتهد في بعض المقدّمات على خلاف ما اعتقده المجتهد ، فيشكل جواز تقليده له في خصوص هذه المسألة ، بل لا يجوز في صورة قطعه بفساد بعض مقدّماته ، فيجب عليه تقليد غيره ؛ إمّا لقصور الأدلة عن شمول مثل هذه الصورة ، وإمّا لأنّه إذا قطع بفساد مستند الفتوى فهو قاطع بفساد رأي مجتهده ، وإن لم يكن قاطعا بفساد ما حكم به المجتهد ، ومع القطع بفساد اعتقاد المجتهد (١) حيث إنّه مستند إلى هذا الوجه الفاسد مثلا فلا يجوز الأخذ بقوله ورأيه ، لأنّ التقليد أخذ برأي المجتهد لا بالوجوب والحرمة ، وبعبارة أخرى الطريق للمقلّد رأي المجتهد ، ومع فساده باعتقاد المقلّد لا يجوز له أخذه ، فيكون كما لو قطع بفساد أصل الحكم ـ وإن شئت فقل ـ كأنّ المجتهد لا رأي له ؛ لأنّه إذا فرض اطلاعه على ما اطلع عليه المقلّد لا يفتي ، ولو اطلع سابقا لم يفت نعم في صورة الظن بفساد المبنى يمكن أن يقال بجواز تقليده ، وإن كان ذلك الظن على طبق القاعدة ؛ بمعنى أنّه حاصل من مقدمات معتبرة كظنون المجتهد ، وأمّا مثل ظنون العوامّ الحاصلة بلا رويّة ؛ فإنّه لا اعتبار به قطعا ، ولا يمنع عن تقليده.
هذا ؛ ولو فرضنا أنّ المقلّد قطع بفساد مبنى جميع المجتهدين في عصره ، لكنّه يحتمل صحّة ما حكموا به ، فلا يجوز له إلا الاحتياط في تلك المسألة.
إذا عرفت هذه الأمور فنقول : أسند الشيخ المحقق في الرسالة (٢) جواز الإفتاء بالتخيير إلى المشهور ، واستدلّ عليه بأنّ جواز العمل بالخبرين حكم مشترك بين المجتهد والمقلّد ؛ لأنّ نصب الشارع للأمارات (٣) يشمل كليهما ، ولمّا كان المقلّد عاجزا عن تتميمهما (٤) ودفع موانعهما (٥) فيرجع في ذلك إلى المجتهد ، فيكون ـ بعد إثبات المجتهد حجيّة الخبرين ـ مخيّرا بينهما مثله ، وبأنّ إيجاب مضمون أحد
__________________
(١) من قوله «وإن لم يكن ـ إلى قوله ـ المجتهد» لم ترد في نسخة (د).
(٢) فرائد الأصول : ٤ / ٤١.
(٣) في نسخة (ب) : الأمارات.
(٤) الكلمة غير واضحة ؛ وقد كتبت في هامش النسخة ، إلا أنّها في نسخة (د) هكذا : تشخيصها.
(٥) في النسخة : موانعها.