الخبرين على المقلّد لم يقم عليه دليل.
أقول : لا يخفى أنّ الوجه الأول لا يفيد أزيد من جواز الفتوى بالتخيير ، والثاني يفيد وجوبه.
ثمّ إنّه ذكر احتمال وجوب الفتوى بما اختار ، واستدلّ عليه بأنّ التخيير حكم للمتحيّر وهو المجتهد ، قال (١) : ولا يقاس هذا بالشك الحاصل للمجتهد في بقاء الحكم الشرعي ، مع أنّ حكمه ـ وهو البناء على الحالة السابقة ـ مشترك ، لأن الشكّ هناك في نفس الحكم الشرعي (٢) الفرعي المشترك ، وله حكم مشترك ، والتخيير (٣) هنا في طريق الحكم ، فعلاجه بالتخيير مختصّ بمن يتصدى لتعيين الطريق ، كما أنّ العلاج بالترجيح مختصّ به ، فلو فرضنا أنّ راوي (٤) أحد الخبرين عند المقلّد أعدل وأوثق من الآخر ؛ لأنّه أخبر وأعرف به مع تساويهما عند المجتهد ، أو انعكس (٥) الأمر ، فلا عبرة بنظر المقلّد.
وظاهر كلامه كما ترى! ابتناء المسألة على شركة المقلّد مع المجتهد في الأصول ، وعدم الشركة وأنّ لازم الشركة جواز الفتوى بالتخيير ، وكون المقلّد مخيّرا ، وجواز كون المقلّد على نظره في الترجيح أيضا ، فإنّه فرّع عدم جواز ذلك على عدم الشركة وتبعه في ابتناء مسألتنا على مسألة الشركة بعض الأفاضل ؛ إلا أنّه حكم صريحا بالشركة وبالفتوى بالتخيير.
قال ـ بعد بيان ما ذكره الشيخ دليلا للفتوى بما اختار من عدم الشركة في الأصول ـ : ويندفع بأنّ الأحكام المقرّرة لاستنباط الأحكام الواقعيّة أيضا أحكام إلهيّة يتساوى فيها الحاضر والباد ، وعباد الله في كل ناد ، ولا اختصاص لها بطائفة دون طائفة ، كأحكام المسافر والحاضر ، فمن عرفها وقدر عليها وجب عليه العمل بها ، ومن عجز وجب عليه الرجوع إلى من عرفها ، وحينئذ فلا وجه لاختصاص الخطابات المتعلّقة
__________________
(١) فرائد الأصول : ٤ / ٤١ ـ ٤٢.
(٢) لم ترد كلمة «الشرعي» في نسخة (ب) و (د).
(٣) في نسخة (د) : والتحير ، أقول : هذا أنسب بالمقام.
(٤) في نسخة (ب) : في أنّ ، وفي (د) : الراوي.
(٥) في نسخة (د) : انعكاس.