بالحرمة ، ومثل ما إذا دلّ أحد الخبرين على أنّ الواجب هو القصر والآخر على أنّه هو الإتمام مثلا ، فإنّه مع اختيار كل منهما لا يحتاج إلى ضميمة أخرى .. وهكذا مثال الظهر والجمعة ، وكذا مثال تعارضهما في أنّ الأكبر من هو؟ فإنّه إذا أخذ بأحدهما يحكم بأنّ القضاء عليه ولا يحتاج في نفيه عن مورد الآخر إلى أصل أو دليل ، فإنّ المفروض أنّ كلّا منهما يعيّن الواقع ، فمع العمل عليه لا يبقى شك في المسألة وهو (١) واضح ، وقد يكون في تتميم حكم المسألة محتاجا إلى الغير كما إذا دلّ أحدهما على وجوب شيء والآخر على وجوب آخر من غير نظر إلى تعيين الواقع ، وكان هناك دليل على أنّ الواجب أحدهما أو علم بكذب أحد الخبرين ، وكذا (٢) إذا دلّ كلّ منهما على حرمة شيء مع العلم بكذب أحدهما ؛ فإنّه مع اختيار كل منهما لا يحصل له إلا العلم الشرعي بمفاده وأنّه واجب أو حرام وأنّ الآخر غير واجب أو غير حرام ، وأمّا أنّه محكوم بما ذا من سائر الأحكام فيحتاج إلى أصل أو دليل ، فلو كان في قبال الخبرين إطلاق أو عموم مثل قوله أكرم العلماء ، وكان مفاد أحدهما حرمة إكرام زيد والآخر حرمة إكرام عمرو مع العلم بعدم مطابقة أحدهما للواقع فاختار أحدهما وجعله مخصّصا للعام فهل يرجع في مورد الثاني إلى الأصل أو إلى العموم؟ وجهان مبنيان على أنّ اختيار أحد الخبرين كترجيحه في إحياء العموم أو الإطلاق (٣) أو لا؟ وذلك لأنّه مع قطع النظر عن هذا الاختيار والتخيير سقط التمسك بالعموم ؛ لأنّه يعلم بورود أحد التخصصين ولا يعلم التعيين فإذا صار مخيّرا واختار أحدهما فهل له أن يتمسك بذلك العموم كما (٤) إذا رجّحه (٥) بأحد الترجيحات أو لا؟ بل يرجع إلى الأصول العمليّة من أنّه إذا سقط عن الاعتبار بالنسبة إلى مورد الخبرين فلا يعود فالمرجع الأصول ، ومن أنّ سقوطه إنّما كان بملاحظة عدم الدليل على أنّ المخصّص منهما ما هو؟ وبعد الاختيار تعين ذلك بحكم الشرع فالمرجع
__________________
(١) في النسخة (ب) و (د) : وهذا.
(٢) ذ يوجد في نسخة (د) من قوله «أحدهما» الى قوله «كذا».
(٣) في نسخة (د) : والإطلاق.
(٤) في النسخة (ب) : وكما.
(٥) في نسخة (د) : رجّح.