العموم ويظهر الثمر فيما إذا خالف حكم الأصل حكم العموم كما إذا فرضنا أنّه يعلم بكذب أحد الخبرين (١) ، وأنّه ليس محرّم الإكرام مثلا ، أمّا أنّه واجب الإكرام (٢) أو غيره فلا يعلم ، وأمّا إذا علم بأنّه واجب الإكرام فلا فرق بين أن يرجع إلى العموم أو الأصل ؛ لأنّ مقتضى العلم الإجمالي حينئذ أيضا وجوب إكرامه.
ومن ذلك يظهر حكم ما إذا فرضنا أنّ كلّا من الخبرين موافق للعموم ، وعلم إجمالا بكذب أحدهما كما إذا ورد أكرم العلماء وورد أكرم زيدا وورد أيضا أكرم عمرا فإنّه إذا أخذ بأحدهما ففي المطروح لا يعمل بالعموم بل يرجع إلى الأصل.
وأمّا في المأخوذ فهل يتمسك بالعموم أو بذلك المأخوذ فقط؟ فإذا فرض أنّ المستفاد من العموم الوجوب والخبر المأخوذ لا يدلّ إلا على الرجحان المطلق فهل يحكم بالوجوب أو بمجرّد الرجحان وينفى الوجوب بالأصل؟ الوجهان.
وكذا إذا فرض موافقة أحدهما للعموم في الجملة مع الاختلاف في كيفيّة الحكم ، وأنّه على وجه الوجوب أو الاستحباب مثلا (٣) إذا قال يجب إكرام العلماء وورد أكرم زيدا ولا تكرم زيدا ، وقلنا إنّ الأمر للقدر المشترك بين الوجوب والاستحباب ، أو كان بلفظ لا يدل إلا على الرخصة ، ولا يكون ظاهرا في شيء من الرجحان أو الاستحباب أو الوجوب فمع تقديم قوله لا تكرم زيدا يحكم بما يستفاد منه من الحرمة أو الكراهة (٤) ، ولكن مع تقديم قوله أكرم زيدا هل يحكم بما يستفاد منه وينفى الأزيد بالأصل أو لا؟ بل يحكم بالوجوب المستفاد من العموم وأنّه لا يضر عدم دلالة الخبر الخاص عليه؟ الوجهان ؛ والحق التمسك بالعموم في جميع المقامات المذكورة ؛ لأنّه إذا اختار أحد الخبرين فقد ارتفع الإجمال الحاصل من جهة العلم الإجمالي بكذب أحدهما ؛ لأنّ المفروض أنّ التخيير أخذي لا عملي صرف نعم (٥) هو نظير الترجيح حيث إنّه قبل الوقوف على ما يوجب المزيّة سقط العام عن الحجيّة بالنسبة
__________________
(١) في النسخة (ب) و (د) هكذا : بأحد الخبرين كذبه.
(٢) لا توجد كلمة «الإكرام» في نسخة (ب).
(٣) بعدها في النسخة (ب) و (د) : كما إذا.
(٤) في نسخة (د) : والكراهة.
(٥) لا توجد كلمة «نعم» في نسخة (ب) و (د).