التخيير إنّما قلنا به في زمان الغيبة دون الحضور ، فبناء على جريان أدلّة النيابة لا يثمر في المفروض ؛ لأنّ الفقيه حاضر ، والوصول إليه ممكن.
وكيف كان فعلى المختار مقتضى القاعدة الرجوع إلى الأصول العمليّة في موارد (١) الأمارات ، ولا فرق بين أن يكون التعارض بينهما بالتباين أو العموم من وجه أو المطلق ، ولا تجري قاعدة الجمع لتعدد المخبر إلا إذا كانت مثل الأخبار .. نقلا لكلام متكلّم واحد أو من هو بمنزلة المتكلّم الواحد ، نعم يؤخذ بالقدر الجامع المتفق عليه ولا وجه لما قد (٢) يتخيل من الأخذ بالمقيّد في الأعم والأخص المطلقين في نقل اللغة ؛ لأنّه القدر المتيقن ؛ لأنّ كونه قدرا متيقنا في كونه من مصاديق المعنى لا دخل له ببيان المعنى ، وكذا لا وجه لما قد (٣) يتخيل فيهما من الأخذ بالأعم ؛ لأنّه يقتضي الملاحظة أو الاعتبار في المعنى والزائد مدفوع بالأصل ؛ لأنّه أيضا لا يثبت المعنى ، وكذا لا وجه للتفصيل بين أن يكون ذكر الخاص على وجه المطلق المقيد أو على وجه الخصوصيّة ، وأنّه لو قال مثلا الغناء هو الصوت المطرب مع الترجيع ، وقال الآخر الصوت (٤) فيؤخذ بالأعم ؛ لأنّ الأصل عدم اعتبار القيد بعد العلم باعتبار المطلق ، ولو قال الغناء ترجيع الصوت مثلا ، أو قال الصعيد .. التراب فلا يؤخذ بالمطلق ؛ لأنّ الناقل للأخص لم يجعله على وجه المطلق المقيّد حتى ينفى القيد بالأصل ، فإنّ هذا التفصيل إنّما ينفع في بيان الحكم الشرعي فلو قال الإمام عليهالسلام : أعتق رقبة وشككنا في أنّه قيّده بالمؤمنة أو لا نقول الأصل عدم وجوب القيد.
وأمّا لو علمنا أنّه أوجب عتق رقبة وشككنا في أنّه قال أعتق رقبة أو قال أعتق زيدا مثلا ، فلا يمكن أن يقال الأصل عدم اعتبار خصوصيّة كونه زيدا ؛ لأنّ المطلق لم يعلّق عليه الحكم حتى يقال الأصل عدم وجوب أزيد منه ، فإنّه لو كان الواجب عتق خصوص زيد لا يكون الواجب عتق رقبة هو زيد ، فليس من المطلق المقيّد بخلاف الصورة الأولى.
__________________
(١) في نسخة (ب) : في سائر موارد ، وفي (د) : موارد سائر ...
(٢) لا توجد كلمة «قد» في نسخة (ب).
(٣) لا توجد في نسخة (د) كلمة «قد».
(٤) بعدها في نسخة (ب) و (د) : المطرب.