وأمّا في مقامنا هذا فعلى التقديرين معنى اللفظ أمر خاص سواء قال الصعيد وجه الأرض الذي هو التراب ، أو قال هو التراب ، فلا يكون هناك قدر متيقن حتى (١) في كونه معنى اللفظ حتى ينفى الزائد ، لكن في التكاليف يمكن أن يقال القدر المتيقن من التكليف كذا والزائد كذا ؛ والسر في ذلك أنّ التكليف يقبل الزيادة والنقيصة في مقام الاعتبار والموضوع له ، والمعنى لا يقبل ذلك ، فالقدر المشترك مكلّف به تعينا (٢) ، ولذا لو فرضنا في غير صورة المعارضة أيضا أنّا نعلم (٣) أنّ الواضع قال الصعيد هو وجه الأرض لكن لا نعلم أنّه قيّده أو أطلقه لا نحكم بأنّ المطلق معنى اللفظ وإجراء أصالة عدم ذكر القيد لا ينفع في إثبات المعنى مثل سائر الأصول المتداولة بينهم من أصالة عدم التفات الواضع إلى كذا ، وعدم لحاظ كذا أو نحو ذلك ممّا لا اعتبار به قطعا ؛ لأنّها لا تفيد الظن وليست ممّا يعتبرها العقلاء في أمثال المقام ولا تشملها الأدلّة التعبديّة للأصول ؛ لأنّها مثبتة ، وما يقال من اعتبار الأصول المثبتة في اللغات فالمراد إنّما هو إذا كانت معتبرة من باب الظن.
هذا مع أنّ الأصل التعبدي الشرعي لا يعتبر إذا كان مخالفا للأصول العمليّة في المسألة الفرعيّة ، فالمدار ـ بناء على التعبديّة ـ على الفروع لا المسائل الأصوليّة واللغويّة ، فتدبّر! (٤).
ثمّ الظاهر اختصاص التخيير بالأخبار الظنيّة ففي تعادل المتعارضين من المتواترات (٥) والمحفوف بالقرائن القطعيّة لا يحكم بالتخيير بل يحكم بالإجمال إن لم يكن للجمع الدلالي مجال ، إلا أن يقال : مقتضى القاعدة في تعارض الدلالات التخيير ، وقد عرفت منعه سابقا ، والفرض أخبار التخيير (٦) لا تشملها ؛ إذ الظاهر من
__________________
(١) لا توجد كلمة «حتى» في نسخة (د).
(٢) في نسخة (د) : يقينا ، وجاء بعدها في النسخة (ب) : لكنّ القدر المشترك ليس معنى اللفظ يقينا ...
(٣) في نسخة (د) : أنّا لا نعلم.
(٤) لا توجد كلمة «فتدبر» في نسخة (د).
(٥) في نسخة (ب) : المتواترين.
(٦) في نسخة (د) : أنّ أخبار التخيير.