وفي بعضها شرط في التنجز كما في الواجبين المتزاحمين ، ولعل المعيار أنّه لو كان الفعل غير مقدور من حيث هو فالقدرة شرط في أصل التكليف ، وإن كان مقدورا من حيث هو إلا أنّه بملاحظة وجوب الآخر غير مقدور ، بمعنى أنّ الجمع بينهما غير مقدور فهي مثل العلم في أنّه شرط في التنجز فمطلق القدرة ليس شرطا في أصل التكليف ، كيف ولو كان كذلك لزم عدم كون الغافل بالموضوع مكلّفا واقعا ؛ لأنّه حال غفلته غير قادر على الإتيان ، بل وكذا الغافل في الحكم (١) في بعض المقامات هذا.
ولو فرضنا عدم شمول الإطلاقات لصورة التعارض فلا يمكن الحكم بالتخيير أصلا ؛ لأنّ ما ذكر من أنّ العقل يستفيد من ذلك الحكم المعلّق بالإمكان .. إلى آخره ممنوع .. بعد فرض خروج صورة التعارض عن مورد الدليل ؛ لكونه مقيّدا بالإمكان وهذا واضح.
وأمّا ما ذكره من أنّ الأصل لا يرفع الاحتمال فهو كذلك ، إلا أنّ رفع حكمه كاف في ثبوت موضوع حكم العقل ؛ إذ نحن ندّعي أنّ موضوعه أعمّ من عدم الرجحان الواقعي والشرعي ، فإذا جرى أصل عدم وجود الرجحان أو عدم اعتباره ثبت (٢) موضوعه ولا يضر وجود الاحتمال من حيث الوجدان كما في سائر موارد الأصول ، مع أنّ لنا أن نقول : لا يحتاج إلى إجراء أصالة العدم بل العقل حين الشك في الترجيح يحكم بعدمه ظاهرا ؛ لأنّ مرجع الشك إلى أنّه هل يتعيّن عليه اختيار الأرجح بحيث يعاقب على تركه أو لا؟ فيكون نظير الشك في أصل وجوب شيء في أنّ العقل يستقلّ بقبح العقاب عليه من غير بيان ، فبعد وجوب المقتضي للوجوب بالنسبة إلى (٣) كل منهما تعيّن (٤) أحدهما تكليف زائد يستقلّ العقل بقبح
__________________
(١) في نسخة (ب) و (د) : بالحكم.
(٢) في نسخة (ب) و (د) : يثبت.
(٣) جاء في النسخة (د) هكذا : وجود المقتضي للوجوب ، وهو الأصح.
(٤) في نسخة (ب) و (د) : تعيين.